صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/59

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

1001 بحلاوة التشهى وزهادة المشتهى بعد حين . واضطرب بين واقع الحياة الجامد الدائم ، ورغائب النفس المتحولة ، التي تستند للشوق المجهول الذي ينكر الواقع الجامد المحتوم ! . ليس المعني هنا هو المهم ، إنما هو المخلوق الآدمى الذي تحس دبيب انفعالاته ووسوسة وجداناته ، وليست الفكرة التي تحويها المقطوعة هي المهمة ، وإنما هي الصورة المترائية بين الطلال الشفيفة .

وفى المجموعة قطعتان متقاربتان في الموضوع ، فاستعراضهما معا قد يكون أقرب إلى توضيح الفروق . فأما القطعة الأولى ، فهي لابن زهر الأندلسي بعنوان : « في المرآة » : إلى نظرت إلى المرآة أسألها فأنكرت مقلتای کل ما رأتا رأيت فيها شييخا لست أعرفه وكنت أعهد فيها قبل ذاك فتى فقلت : أبن الذي بالأمس كان هنا متى ترحل من هذا المكان متى ؟ فاستجهلتني وقالت لي وما نطقت : قد كان ذاك ، وهذا بعد ذاك أتى ! ی وهي أبيات جيدة في موضوعها ، ولفتة لها قيمتها ، ووقفة بين صورتين من صور الحياة أجمل ما فيها أن إحدى الصورتين تنكر الأخرى وهي تكملتها . وذلك أقصى ما نستطيع أن نسنده إليها من المزايا ، مع الاعتراف بأننا نضيف إليها أنفسنا بعض ما قد تقصر عنه ألفاظها ! من ولكنها مع هذا ، وقفت عند الحس لا تتعداه إلى أغوار النفس . فهذا شاعر لا يدرك الفرق بين الفتى الذي كانه والشيخ الذي صاره إلا حين يقف على المرآة ، فيرى تغير الملامح وتنكر السمات – وهذه أمور مردها إلى الحس فإذا علم بهذا الانقلاب الظاهري لم يتجاوزه إلى التفتيش في أحناء النفس عما هنالك من