صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/55

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

1011 النفس الانســـــــــانية في الشعر العربي حينها فرغت من قراءة مجموعة الشعر الموسومة باسم « عرائس وشياطين » من مختارات الأستاذ العقاد ، التي جمع فيها طائفة من الشعر العربي والشعر العالمي جد لى رأيان متناقضان : ففي أثناء القراءة الأولى السريعة ، ولم أكن قد انتهيت بعد من المجموعة ، ولم أكن قد تبينت مواقع قصائدها ومقطوعاتها في نفسي . في هذه القراءة التي يلتفت فيها الذهن إلى أكثر الأشياء التماعا ، ويلتفت فيها الحس إلى أشد الأصوات تصدية عندئذ قلت : إن الشعر العربي يستطيع أن يقف ... على قدميه أمام الشعر العالمي . وحينما انتهيت من قراءة المجموعة ، وخلوت إلى نفسي أتبين موقع كل قطعة وقصيدة ، وألمح وراء الألفاظ والمعاني ما ترسمه من ظلال إنسانية ، وما تصوره من حالات نفسية . عندئذ أشفقت من أن تشيل كفة الميزان بالشعر العربي ! ... فأى الرأيين هو الخطأ ، وأيهما هو الصواب ؟ مرجع الحكم في هذا هو طريقة إحساسنا بالحياة ، وحقيقة مطلبنا من الشعر . فأما أنا فلا أتردد في القول بأن الحياة في صميمها إن هي إلا انفعالات واستجابات ، وعواطف وحالات نفسية ، وأن الأفكار والمعاني إن هي إلا بلورات صغيرة على سطح الحياة ، وكثيرا ما تكون معوقات لجريان الحياة ، وإن كانت في أحيان قليلة تساعدها على التعمق والنفاذ ، كالحصوات المتبلورة في مجرى الماء ! وليس « الإنسان » الراقي هو الذي تستهويه المعاني المجردة ، والأفكار