صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/53

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ـ ٤٩ – عن هذه القضية ليست جديدة في النقد العربي ، فلقد أثيرت في العصر القديم فكان الأصمعي يقول عن زهير وأصحابه إنهم « عبيد الشعر » لأن صناعة النظم والتجويد فيه واختيار الألفاظ وتعديل العبارات قد استغرقتهم وأبعدتهم الطبع الذي ينظم في سهولة ويسر . وكان « الآمدي » يقول عن أبي تمـام « شديد التكلف ، صاحب صنعة ومستكره الألفاظ والمعاني وشعره لا يشبه أشعار الأوائل ، ولا على طريقتهم » ، لما فيه من الاستعارات والمعاني المولدة ، بينما كان يقول عن البحتري : « أعرابي الشعر مطبوع على مذهب الأوائل ؛ وما فارق عمود الشعر المعروف » لأنه كان يتجنب التعقيد ومستكره الألفاظ ومن الحق أن نقول : إن القضية لم تعرض لهم إلا من ناحية الكد في تجويد النظم ، أو اليسر في الأداء . ومن ناحية الاعتماد على التصورات الحسية ، أوالغوص وراء المعانى الذهنية ، وهذا جانب من القضية لا كل جوانبها . ولكننا بهذه المناسبة لا نردد في إيثار الصور في الشعر على المعاني ، وفي إيثار الانطلاق المستمد م ا مما وراء الوعى على التعقيد الذي يصنعه الوعي في أغلب الأحيان ثم عرضت هذه القضية مرة أخرى في العصر الحديث ، في معرض الجدل بين مدرسة شوقي وحافظ المعنية بالإيقاع الموسيقى والجمال اللفظي ، ومدرسة العقاد وشكرى المعنية بالصدق الشعوري ، والتدقيق المعنوى >> 6 ؛ قيل كلام كثير في معرض الجدل ليس كله صوابا بطبيعة الحال ونحن في هذه المناسبة لا تتردد في أن نرد إلى الإيقاع الموسيقى والجمال التعبيري اعتبارها – ولكن على أساس آخر غير الأساس الذي يفهمه الشوقيون والتعبيريون على العموم – وأن نقول : إن الصدق الشعوري لا يبدو كاملا في الشعر إلا إذا اكتمل فيه الإيقاع الموسيقى ، وإلا إذا اتسقت ظلال الألفاظ والعبارات ( م – 4 ) الهای