صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/43

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

1791 «كذلك يسألني من حولي ولست أنا بالمجيب ، وما تبرح الريح والمطر والأرض في الظلام والآلام كما كانت وكما سوف تكون ، وما يبرح الموت يمشى إلى جانب أفراح الحياة » وللأستاذ العقاد تعليق على هذه القطعة ، نكتفى به ، فهو يقول : « إننا نضرب المثل الأعلى للبلاغه الشعرية بهذه القطعة التي تلوح له ( يعنى القاريء الذي تهمه المعاني لا الصور النفسية ) هزيلة ضامرة لا تساوي بيتا من ابن نباتة ، ولا شطرة من صفي الدين ! « لأننا نعلم أن الشاعر أراد أن يمثل بها « حالة نفسية » تحيك بنفسه ، فمثلها لنا أحسن تمثيل . أراد أن يصور لنا ملالة النفس العارفة بأسرار الحياة ونواميس الوجود ، فصورها في سكون لا ادعاء فيه ، وإيجاز لا خلل فيه ، وبساطة يخطئها الجاهل ، فيحسبها من غثاثة الفضول . فهو رجل نظر في عبث العواطف وعبث الحوادث وعبث النواميس ، فتولاه الفجر ، ونفرت نفسه ، ثم ثابت إلى السكينة والتسليم فيم يحزن الحزين ، ويفرح الفرحان ، وفيم بنخدع الناس لهذه الآمال الكاذبة ، ثم لا يزالون ينخ عون بها ، وهم يعلمون أنهم مخدوعون ؟ في لاشيء ! ... ... الخ » هذا نموذج من التصوير والتظليل ، الذي تتراءى من خلاله « حالة نفسية » تشترك في رسمها طريقة الإحساس ، وطريقة التعبير

وترجع إلى (العهد القديم) فنختار مقطوعة من « نشيد الأنشاد » المشهور . تقول « شوليت » بطلة هذا النشيد : « كالتفاح بين شجر الوعر ، كذلك حبيبي بين البنين . تحت ظله اشتهيت أن أجلس ، وثمرته حلوة لحاقي ، أدخلني إلى بيت الخمر وعلمه فوقى محبة .