صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/42

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۳۸ - جديد تحت الشمس ، كل ما يكون فقد كان . ويزيد عبث المحاولة لأي شيء في هذا الدنيا أن ليس ذكر" للذين كانوا والذين سيكونون ، فالكل ينسى و يطوى في تيه النسيان ... ... ! الكل باطل ، والمحاولة عبث ، فالأعوج لا يقوم ، والنقص لا يجبر والحكمة عبث كذلك ، فهي مصدر الغم ، والذي يزيد علما ، يزيد حزنا . هنا صورة نفس ، تلقى ظلها على الحياة والأشياء ، فتطبعها بطابعها ؛ يراه الرائى فتؤثر في حسه ، وتنطبع في نفسه ، لأنها نفس إنسان ، لا تركيبة ذهن . وهنا تشترك طريقة الإحساس مع طريقة التعبير ، في التصوير والتظليل ، إبراز نفس إنسانية من وراء الألفاظ ، ومن بين السطور . ، وفي ...

( t في ظل هذه الصورة تقرأ قطعة لتوماس هاردي الشاعر الإنجليزي الحديث (1) : « إذا طلع الفجر ، ونظرت إلى الطبيعة المصبحة ، جدولا وحقلا وقطيعاً وشجراً موحشاً ، رأيت كأنما هي أطفال مكبوحة على مقاعد الدراسة تشخص إلى ، وكأنما قد طالت عليها ثقلة الأستاذ في أساليبه ، فبردت حرارتها ، ورانت على وجوهها السامة والضجر والإعياء ، وكأنما تهمس بسؤال كان مسموعا ثم تخافت حتى لا تنبس به الشفاء : عجباً ! عجباً لا انقضاء له أبد الزمان ! ما بالنا نحن نقوم في هذا المكان ؟ أتراها حماقة جليلة قادرة على التكوين ولكنها غير قادرة على القصد والترسيم . خلقتنا في مزاح ، ثم تركتنا جز فا لمـا تجيء به الصروف ؟ أم تراها آلة لا تفقه ما نحن فيه من الألم والشعور ؟ أم ترانا بقية من حياة إلهية قديمة تموت ، فقد ذهب منها البصر والضمير؟ أم تراها حكمة عالية لم تدركها العقول ، ونحن في جيشها « فرقة الفداء » والغلبة المقدورة للخير على الشر مقصدها الأخير ی ؟ (۱) ترجمة الأستاذ العقاد