صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/349

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

« أبو على » في إثبات البنين له ، ولم يجزم . و « أبو على » هذه كنية اصطلاحية لمن اسمه « الحسن » – اسم أبي نواس – فلا دلالة فيها على وجود ابن اسمه على ولا مجال للاستئناس بها على العموم . ) - - ٣٤٥ <-(( وها متفقان تقريبا في وصف مزاجه – كل على طريقته – فهو طالب لذة حسية ومتعة سهلة ، وفي تحقيق صلته بالرشيد وصلته بالأمين ، وفي تفصيلات أخرى – وإن اختلفا في عدد مرات سجنه أيام الأمين أهى مرة أو مرتين ، . ولكل من الفرضين ما يؤيده ، وليس أحدها بأشد أثرا في حياة الشاعر ، فكلاها سواء في دلالته على مجونه ، وضيق الأمين بهذا المجون لأسباب سياسية لا خلقية. ويختلفان في حادثة جلوس أبي نواس قريبا من دور بنی نوبخت ، يمر به القواد والكتاب وبنو هاشم لا يتحرك ، حتى يقدم بشار فيهم له ويعانقه : صدقى يقول إنها أيام الرشيد ، وعبد الحليم يقول : إنها أيام المأمون . ونحن نرجح قول الأخير لمكانة أبي نواس من الأمين . وما دمنا قد استطردنا إلى الموازنة ، فيجب أن نثبت للأستاذ صدقى قوة التمحيص وشدة التنسيق ، كما لاحظنا ، ولكننا نثبت في الجانب الآخر براعة اللمسات وسرعة إبراز الملامح . ففي الفصل الأول « بغداد » جمع بين مولد المدينة ومولد شاعرها الذي يمثل روح اللهو فيها « أبي نواس » في لمسات خاطفة فيها شاعرية ورفرفة . وفي الفصل الثاني « جوار وخمور » رسم طرقى اللهو بالمدينة وهما مجالا مجون شاعرها ، والشذوذ الذي فشا إذ ذاك يجمعهما ، فكأنه وكأنها توأمان في المولد والنشأة ، ثم لم ينس أن يبين أن هذه ليست بغداد في حقيقتها ، فهنالك « الناس » ی أولئك السوقة الأشقياء الذين يهيئون للمدينة رخاءها ولهوها ، ولا يحسبون منها ، ولا يذكرهم التاريخ بجانبها . إلى آخر هذه اللمسات الشاعرية في بقية الفصول للأستاذ صدقى التقصى والترتيب والتنسيق ، وللأستاذ عبد الحليم الحركة والسرعة والشاعرية . وكلا البحثين لا يغنى من الآخر ، ولكل منهما نواحي ی النقص ونواحي الكمال . 6 .