صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/347

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ــــــــ - ٣٤ - إلى آخره ، وكان موفقاً في هذا الانكاء ، ولو أن هناك شيئا من التكرار والاستطراد كان يمكن الاستغناء عنه بلا نقص في الموضوع . على حين كان هناك متسع للحديث عن طبيعة بشار وشعره من جوانب أخرى . فنحن نحسب أن الحديث عن ضخامة جسم بشار وغلظه وعلاقة ذلك بغلظة حسه بالمرأة لم يستوف . وكذلك الحديث الفتنة بشعره الغزلى ما سببها ؟ وأي الخصائص في هذا الشهر كانت تثير الفتنة ؟ فهذا جانب لم يمس إلا مسا ، وموقف بشار من الفتن السياسية والدينية في العهود المختلفة ، كلها جوانب خصبة ، فيها متسع ، وكانت تزيد في قيمة الكتاب . فليت الأستاذ قد وفى فيها الحديث ! ونعود إلى أبي نواس بين صاحبيه ، وقد بينا طريقة كل منها في دراسته ولكن يجب أن نزيد هنا أن بحث الأستاذ صدقى يبدو فيه التقصى والتفصيل وبحث الأستاذ عبد الحليم تبدو فيه الحركة وسرعة اللمسات . ومكان الأستاذ صدقي في البحث الأدبي قد تقرر بكتابيه عنن بودلير وأبي نواس ، وهو في مقدمة صفوف « الباحثين » من حيث الدقة والتمسكن ، وسلامة التنسيق على طريقته : طريقة البحث المتسلسل الرتيب . أما الأستاذ « عبد الحليم عباس » فلست أعرف له إلا كتابه هذا . فإن يكن باكورة ، فأنا أتنبأ له بمستقبل مشرق ، فالريشة في يده ريشة مصور سريع الحركة ، ولمساته لمسات فنان جيد التنسيق . وهو اليوم في منتصف الطريق إلى القمة التي بلغها أصحاب طريقته القليلين ، ولا ينقصه إلا مزيد من التمكن والدربة وحشد القوة إن كان في الجعبة شيء وراء ما أظهره ، تنضجه السنون ! ويبقى أن هناك بعض الخلافات في الحوادث والتعليلات بين الكاتبين : فصدقى يثبت حادثة والبة مع أبي نواس ، وأثرها في مستقبل حياته ، وعبد الحليم ينفيها . ونحن نميل إلى رأى صدقى ، فكل ما في حياة أبي نواس يثبت تلك الحادثة . وليس في نفيها كبير عناء في البحث . لقد كان يعظم عناؤه لو أن ا