صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/334

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- - ه الاعتقاد الراسخ بأن القوات العثمانية سواء منها الآتية من الولايات الأسيوية ، أو الآتية من الولايات الأوربية لا تصلح لشيء ما ، بل إن عدمها خير من وجودها ما هي الاشراذم من النهابين الهمج . وأن الدفاع عن مصر إذا ما حاول بونابرت إعادة الكرة عليها يقتضى إعادة الأمراء – وقد أعجب القواد الانجليز مظهرهم وفروسيتهم – إلى ما كانوا عليه . وثالثها وعد سبق أن أعطاه القائد الانجليزي أثناء الأعمال الحربية ضد الجيش الفرنسي للأمراء بأن انضمامهم للحليفتين انجلترة والدولة لن يضيرهم في شيء ، بل على العكس يضمن لهم حقوقهم بعد الانتهاء الحرب . وقد توهم الإنجليز إذ ذاك أن نظام الأمراء وقواتهم الخاصة عنصر يبدو من من أصيل في الحكومة المصرية ، وما دروا أنه ليس من جو جوهرها في شيء » . وهكذا هذه الأسباب كلها براءة القصد وسلامة الطوية في موقف الإنجليز . وفي اعتقادي أن التجارب التالية كانت خليقة بأن تبرز عنصرا آخر غير هذه العناصر البريئة ، فالأمراء الماليك هم أعداء الدولة ، كما هم أعداء الفرنسيين ، فإذا ضمن الانجليز صداقتهم ، فذلك متكأ لهم في مصر عند اللزوم . وموقفهم محمد بك الألفى بعد حكم محمد على يشى بهذه النية . - وأحسب أن واجب المؤرخ المصرى أن يبرز مثل هذه العناصر في السياسة الانجليزية ، ما دام إبرازها ليس تعسفا أو اتهاما لا دليل عليه . فنحن أحوج ما نكون – كلما واتتنا الحقائق التاريخية – أن تكشف عن سوء النية في هؤلاء المستعمرين ، وسوء ء القصد ، وتعفن الضمير . في حاجة إلى هذا كله ناحيتين : الأولى تقرير الحقائق لنتفع بها في جهادنا الوطني . والثانية أن نسترد ثقتنا بأنفسنا ؛ فلا نحس بالصغر والقصر حين نقيس قامتنا إلى قامة هؤلاء الأوربيين . وبخاصة من الناحية الأخلاقية النفسية ، التي تبدو زرية هابطة في تصرفات السياسة الاستعمارية ! =

  • * *