صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/333

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۳۲۹ - الاتجاه واتجاه محمد على الذي وقع فعلا فيما بعد . وهو يقول : « وقد سجل التاريخ تحقيق الكثير من هذا على يد محمد على وخلفائه ، مما يدل على أن الكثير من خطط الحكومات إنما هو مما يمليه الواقع الجغرافي ، ويكرره التاريخ في أدواره المتباينة » . ی ولقد احتاط الأستاذ المؤلف في تقريره لهذه القاعدة ، فقال: « إن الكثير من خطط الحكومات » ولم يقل كل خطط الحكومات . لأنه لا بد من إقامة وزن للحوافز الشخصية ، ولعمل الأفراد الممتازين . وإلا عدنا – من طريق آخر – إلى نظرية التفسير المادي للتاريخ على إطلاقها . وباثبات الأستاذ المؤلف لهذه النظرية وتحفظه في إيرادها ، يبلغ محجة القول ، ويقف عند حدود القصد والاعتدال . وإذا كان لنا ما نلاحظه هنا ، فهو حسن ظنه بالإدارة الفرنسية وبالمبادىء الفرنسية حين تطبق في المستعمرات . فمبادىه الثورة الفرنسية لم يبد لهـا ظل في الشمال الإفريقي طوال الحكم الفرنسي . فلا ضرورة لأن نفترض أنها أو بعضها كانت ستطبق في حكم مصر . ولا بد أن سياسة أقسى وأشنع من التي افترضها المؤلف الفاضل كانت ستصيب المصريين ! وبهذه المناسبة نذكر أن حسن الظن هذا يرافق الأستاذ المؤلف في تصويره لحقيقة ا البواعث في تصرفات الانجليز أيضا . فهو حسن ظن عام ، بأقوام ثبت لنا في الشرق العربي أنهم لا يستحقون منا إحسان الظن بنواياهم ، بل ثبت لنا أن ضميرهم السياسي متعفن في كثير من المواقف ففى ص ٢٧ من الكتاب حديث عن موقف السلطات الانجليزية من الأمراء الماليك بعد إخراج الفرنسيين من مصر : « وقد تدخلت تلك السلطات وأرغمت ممثلى السلطان على إطلاق سراح الأمراء . وكان تدخلها لأسباب : أحدها الاشمئزاز من عنصري الكيد والغدر اللذين قام عليهما القبض على الأمراء ، وثانيهما