صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/332

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۳۳۸ – يجدوا في المسلك العثماني ما يعوضهم عما فاتهم : السلطان المستقل والمساهمة في الحياة الاقتصادية العامة . فلم يفتح لهم هذا الملك بابا لأى جديد نظير ما أضـافه الفتح العثماني من أعباء إلى أعبائهم السابقة ، وإن شقاء أهل الأقطار العربية بعد ذلك الفتح لا يرجع إلى أن سلاطين الدولة وأمراءها لم يرغبوا رغبة صادقة في إحقاق الحق وفعل الخير وتثبيت العدل ... إنما يرجع - سوء الحال إلى الركود وانعدام الحوافز ، وهما مما اقتضته طبيعة الحكم العثماني » . وبمثل هذه البيان الهادىء يصف علاقة الحاكمين بالمحكومين في أيام الماليك الأخيرة وأيام الحملة الفرنسية . كما يصف حالة مصر الإدارية ، والمالية ، والعلمية وعزلتها الفكرية ، يوم أن تسلمها محمد على . معتمدا على وثائق تاريخية بعضها من « الجبرتى » وهو من معارضى سياسة محمد على . فتبرز صورة مضحكة من الفوضى والتعقيد في الإجراءات المالية والإدارية خاصة . كما تبرز صورة للعقلية السائدة بين العلماء ورجال الحكم في هذه الفترة يبدو على ضوئها ما قام به محمد على من الإصلاحات – التي ليس أقلها شأنا إعادة مصر إلى مجرى الحياة العالمية بعد عزلتها وانحسارها – جليلا فيها ، كالذي يقيم البناء الشامخ من الركام في فترة تعد نسبيا من أقصر عهود التاريخ . -

و بعد فهناك نظريتان جديدتان في هذا الكتاب تستحقان العرض والمناقشة : الأولى : نظرية عامة عن « جبرية التاريخ » وليس الأستاذ شفيق غربال هو مبتدعها ، ولكنه أدخلها في حسابه وهو يفرض خطة كاملة للفرنسيين في مصر لوطالت فترة احتلالهم لها ، ولم تجد من المقاومات ما لاقته في الميدان الحربي والسياسي ولقد رسم في خلال أربع صفحات من كتابه من ص 17 إلى ص ۲۰ برنامجا كاملا للحكم الفرنسي في مصر لو امتدت به الأيام ، وذلك ليوازن بين هذا