صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/331

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۳۲۷ ملابساتها على مدى التاريخ ؛ وإذا كان قد حدث في تطور الحضارة الأوربية أن جاء عصر وقعت الجفوة فيه بين الكنيسة ورجال الحكم من جهة ، وبينها وبين رجال العلم من جهة أخرى ، فاضطر هؤلاء وهؤلاء أن يتخلصوا من نفوذ الكنيسة بحصره وحصر الدين معه في دائرة « الأحوال الشخصية » وأن تصبح المثل العملية في حياتهم الواقعة شيئا ، والمثل الدينية في وجدانهم شيئا آخر ، ولا صلة بين هذه المثل وتلك ، على نحو ما نرى في ذلك الصراع المادي العنيف بين الفرد والفرد ، وبين الأمة والأمة . ذلك الصراع العارى من مثل الرحمة الدينية ، والسماحة الوجدانية ... فإن هذه الجفوة لم تقع بين الحياة الإسلامية والمثل الدينية وإبراز هذه الحقيقة كفيل بأن يؤثر في اتجاهاتنا العامة ، وأن بقفنا على الفوارق الأساسية بين حياتنا ومثلنا وحياة الأوربيين ومثلهم . فهم يعانون صراعا بين الواقع العملي والمثل الديني بسبب الجفوة في عصر من عصور التاريخ بين رجال الدين ورجال الحكم والعلم . ونحن في جوة من هذا الصراع بسبب تطورنا التاريخي ، وبسبب روح ديننا الإسلامي . وعلم هذه الحقيقة مفيد لنا في هذه الفترة بالذات ، ليردنا إلى أنفسنا وإلى تاريخنا وديننا بلا عزلة مع ذلك عن العالم . فهذه العزلة لم تكن واقعة ، إلا في فترات الضعف ، والانزواء ، والركود في تاريخنا الطويل

ويتحدث عن أثر تحول طرق التجارة الكبرى إلى طريق رأس الرجاء الصالح ، وأثر استيلاء العثمانيين على العالم العربى فيقول : « والأمران لها أسوأ الآثار في الأقطار العربية وأهليها . فالأول أدى إلى نقصان الموارد . وأسوأ من هذا : أدى إلى ضيق الأفق ( وهو شر من ضيق ذات اليد ) إلى اعتزال الغير ، إلى الركود . أما الثاني ، فإن أهل مصر وسائر العرب لم