صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/330

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۳۲۶ -- ا « نصراني » إلا على الأزمنة السابقة للعصور الحديثة والمعاصرة ، أو لا يطلقونه إلا على ما يتصل بالعقائد ، فإنا أيضاً أخذنا عنهم تحديد طور « إسلامي » داخل أطوار نمو الأمم الإسلامية . هذا الاستعمال الفرنجى له ما . يبرره عندهم ، هو نتيجة الفصل بين ما سموه السياسة ، وما سموه الدين . أما عندنا . فما وجه تبريره ؛ وما مقياس « الاسلامية » ؟ أهو وقوع الشيء في عصر سابق للقرن الثالث عشر أو الرابع عشر الهجري مثلا ؟ أو أن المؤثر الفلاني في حياة المسلمين كان مصدره أوربيا معاصراً ؟ إنا نعلم جميعاً أن الحضارة الإسلامية التاريخية كانت مزيجاً من عناصر متباينة ، شرقية وغربية ؛ فليس من سبب معقول لاستبعاد الوصف : « إسلامي » عن الحياة الفكرية للمسلمين في دور تأثرها بفلسفة ديكارت أو سبنسر ، بينها لا تجردها من هذا الوصف في دور تأثرها بفلسفة أفلاطون أو أرسططاليس ؛ مثل ذلك يقال عن الحكومة الإسلامية ، لا يمنعنا تأثرها بنظم الساسانيين أو الروم من أن تحتفظ لها بإسلاميتها ، بينما تنزع عنهـا ذلك عندما يكون التأثير – كما حالنا الآن . مصدره الثورة الفرنسية أو البرلمانية الانجليزية . والواقع أننا لا نستطيع بحال أن نعتبر الحضارة الإسلامية أمرا طواه الزمان ، كما طوى حضارة الفراعنة طيا تاما ، أو أن التطور الإسلامي قد وقف على العكس – نعتبره مستمرا متصل الأدوار . وبحق على هذا الأساس – أن تحاول الترجمة لمحمد على ، على الرغم من أنه عاش أنه ولى وجهه صوب الحضارة هو عند حد معين ، بل لتا من في القرن الثالث عشر الهجري ، وعلى الرغم الأوربية ، عاما « أعلام الإسلام » . >> ( هذا المنطق الهادىء الواضح السليم لا يفيدنا فقط في موضعه التاريخي . بل يفيدنا كذلك في تقرير أن الإسلام - والنظام الإسلامي كذلك - لا يفرق بين السلطة الزمنية والسلطة الدينية ؛ ولا يجعل الدين بمعزل عن الحياة في جميع