صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/321

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۳۱۷ - هذه العمل الأدبى فيه يخلص من ضخامة الشخصية أو قداستها كما في كتب « العبقريات » ويتبدى وحده مجرداً من الهالات . ولهذا اخترناه . والعقاد في عملية البعث والإحياء لا يأتى بحادثة واحدة ليست معروفة في سيرة هذا الشاعر ، ولا بقصيدة أو بيت أو شطرة لم ترو له من قبل ، ولا بخبر من أخباره أو أخبار عصره لم يدون في الكتب المتفرقة . ولكنه يصنع الخامات القليلة المعروفة مادة أخرى جديدة ؛ ويهي منها هيكلا قائماً للعصر ، وللبيئة وللشاعر ؛ ثم ينفخ في هذا الهيكل من روحه ، فإذا هو خلقة سوية ، تحيا وتتنفس ، كما كانت من قبل تحيا وتتنفس بين أبناء الفناء ! وإنه ليهمني أن أبرز هذه الحقيقة ؛ فنحن في مستهل نهضة في البحث العلمي والفنى . ولكننى ألاحظ على النتاج « الجامعي » الحديث بلا استثناء ، أنه يتجه إلى السرد والجمع والموازنة ، ولا يتجه مرة إلى الخلق والتكوين والإحياء ، في تصوير العصور والبيئات والشخصيات . شأنه في ذلك شأنه في الدراسات الأدبية والفنية سواء . وتلك ظاهرة خطرة . فأنها تدل على أن عقلية التسجيل والتدوين والجمع والفهارس ، هي التي تسيطر على العقلية الجامعية في مصر . وهذا اللون من البحث ضروري ، ولكنه لايفى وحده ، ولا بد من اللون الآخر الذي يصور الحياة ، أو يهب الحياة ! وليس هذا اللون عدواً لذاك ، وإنهما ليجتمعان عند الاقتضاء . ولقد اجتمعا معا في كتابي العقاد عن «ابن الرومي حياته من شعره» و«سعد زغلول» أحسن اجتماع . حياتها لآثر إن طبيعة الشخصية التي يقدمها لى المؤلف ، ولون مزاجها ، وصورة الحوادث التي وقعت لهـا ، والمعلومات مرة من جمع عندی ألف التي تتصل بها . وحسى من الحوادث والمعلومات ، ما يكشف لي عن الطبيعة