صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/313

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۰۹ كل هذه الحذلقات منشؤها ضيق الأفق ، وضعف التذوق والنظرة إلى الأدب كالنظرة إلى الأزياء كما أسلفت ، لكل ذي موعد وإبان ! والحقيقة أن لكل لون من ألوان الأدب موسمه الحاضر في كل آن ، والعبرة هي بطريقة التناول لا بشكله ، وكل ميسر لما خلق له ، وكل أدب أصيل في ذاته فهو أصيل في شكله على تعدد الأشكال ، وتباعد الأعصار ، والمفاضلة بين فنون الأدب على أساس الشكل الذي تؤدي به مفاضلة زائفة ، فالفنون كلها من هذه الناحية سواء . وإذا لم يكن بد من المفاضلة ، فإنني أحس أن كتابة « المقالة » قد تكون أشقها جميعاً . إذا أردنا أن تحصل على مقالة جيدة ، فلا بد في المقالة من فكرة وموضوع ، ولا بد من تنسيق داخلي في تسلسل الموضوع ، لا يقل عن التنسيق الخارجي بين الفصول المتعددة في الكتاب أو القصة أو المسرحية أو في الترجمة . وأقل فراغ في المقالة أو تقصير يظهر للقارى بارزاً ، في حين قد تختفى هذه المواضع في القصة ، لأن الحكاية أو الحبكة تغطى عليها ولا أحب أن أرتكب الغلطة ذاتها التي يقع فيها من يفاضلون بين فنون الأدب على أساس الشكل الذي تؤدي فيه . ولكني أريد فقط أن أقول : إن أدب المقالة ليس أسهل ولا أقل مؤنة من سائر الآداب . ونعود إلى كتاب الأستاذ أدهم ، فأقرر أننى خرجت من كل فصل من فصوله بفكرة واضحة كاملة عن موضوعه « مقالة » أن تحيط بمقدار ما تستطيع بحدود الموضوع – وكل فصل من هذه الفصول لا يقف عند إعطاء فكرة عن الموضوع الذي يعالجه ، بل هو يصلح مرجعاً قريباً للباحث في موضوعه ، وعلى الأقل مفتاحا لمراجعه ودليلا إلى هذه المراجع مأمون الإشارة ، موثوقا بصدقه في الهداية إلى الطريق ! - - .