صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/307

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۳۰۳ - الخيال نفسه لا يلاحقه . وبعض المشاهد يطول ويطول حتى ليخيل للمرء في بعض الأحيان أنه لن يزول . وبعض هذه المشاهد الطويلة حافل بالحركة ، وبعضها شاخص لا يريم . وكل أولئك يتم تحقيقا لعرض خاص في المشهد ، يتسق مع الغرض العام للقرآن ، ويتم به التناسق في الإخراج أبدع النمام » ثم ضربت أمثلة متعددة للقصر الخاطف ، وأمثلة متعددة للطول المقصود في عرض المواقف . ويحسن أن أختار هنا مثالين من تلك الأمثلة الكثيرة : « 1 – يريد أن يصور للناس قصر هذه الحياة الدنيا التي تلهيهم عن الآخرة ، فيخرج القصر في هذه الصورة : « واضرب لهم مثل الحياة الدنيا ، كماء أنزلناه من السماء ، فاختلط به نبات الأرض ، فأصبح هشيما تذروه الرياح » . ه ( « وانتهى شريط الحياة كله في هذه الجمل القصار ، وفي هذه المشاهد الثلاثة المتتابعة : « ماء أنزلناه من السماء » في « اختلط به نبات الأرض » ف « أصبح هشيما تذروه الرياح » . « ألا ما أقصرها حياة ! ی « ۲ – ويريد أن يبصر الناس بنعمة من نعم الله عليهم ، فيعرض عليهم هذه الصورة نفسها : صورة نزول الماء من السماء ، وإنبات الزرع به ، وصيرورته ولكن في تطويل وتريث وتفصيل ، لأن التذكير بالنعمة يقتضى حطاما ا التريث والتفصيل . فالقسم الأول من الصورة وهو نزول الماء من السماء يعرض هكذا : « الله الذي يرسل الرياح ، فتثير سحاباً ، فيبسطه في السماء كيف يشاء ، ويجعله كسفاً ، فترى الودق يخرج من خلاله ، فإذا أصاب" به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون » .