صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/302

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۳۹۸ – وتهيأ لها البروز. والكلمة في الجملة كالقطعة في الآلة ، إذا وضعت في موضعها على الصورة اللازمة والنظام المطلوب تحركت الآلة وإلا ظلت جامدة . وللكلمات أرواح كما قال ( موباسان ) . وأكثر القراء ، وإن شئت فقل أكثر الكتاب لا يطلبون منها غير المعاني . فإذا استطعت أن تجد الكلمة التي لا غنى عنها ، ولا عوض منها ، ثم وضعتها في الموضع الذي أعد لها ، وهندس عليها ، ونفخت فيها الروح التي تعيد لها الحياة ، وترسل عليها الضوء ، ضمنت الدقة والقوة والصدق والطبعية والوضوح ، وأمنت الترادف والتقريب والاعتساف ووضع الجملة في موضع الكلمة وذلك في الجهاد الفنى فوز غير قليل » . وهذا كلام جيد ، فلقد آن الأوان لأن نقدر قيمة الكلمة في تلوين الصورة الفنية ، فهي أشبه شيء باللون المعين في الصورة ، وكما تتبين مهارة المصور في اختيار الألوان وتنسيقها لتحدث التأثير اللازم في جو الصورة العام ، فكذلك اختيار الكلمات وتنسيقها لتشع ظلالها الخاصة ، وليتألف صورة منسقة . من هذه الظلال مجتمعة ( ( . 4 هذا الاختيار والتنسيق لا يتم كله عن طريق الوعى ، فهناك الذوق الخفى الذي تربى شيئا فشيئا ، وأساسه موهبة لدنية ، ولكن المرانة هي التي تبرز هذه الموهبة ، وتلونها ، وتجعلها في النهاية عاملا من عوامل الخلق والاختيار . ولقد غالت المدرسة العقلية في تقدير قيمة المعاني وإهمال قيمة اللفظ المصور ، اكتفاء باللفظ الدال . والمسألة هي تعريف هذا اللفظ الدال في الفن . فنحن قد نرتضى هذا الوصف للفظ ؛ ولكن على معنى أوسع مما تريده المدرسة العقلية في الفن . إن اللفظ لا يكون دالا في الفن بمجرد أدائه للمعنى اللغوى أو الذهني ، فذلك يصلح في العلم وربما في الفلسفة . ولكنه لا يكفي في الفن ، فالصورة - من وراء المعنى – هي المقصودة في الفن . واللفظ والعبارة يكونان