صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/297

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۳۹۳ – مختلف مع الجاحظ صاحب نظرية المعاني الملقاة على قارعة الطريق . فإن كون العمل الفني يتألف من المعنى والصورة ، بحيث لا يمكن الفصل بينهما . لا يقتضى أن تكون الصورة وحدها هي العمل الفني الذي يثبت ملكيته لمن يجيده ، ولا يقتضى كذلك أن تكون جودة الصياغة كفيلة برفع المعنى إلى مرتبة الجودة ، كما جاء في بحث الأستاذ في مكان آخر حيث يقول في ص 73 : « إذا حلى في صدرك بعد ذلك أن تذهب إلى ما ذهبت إليه من أن تجويد الأسلوب يتضمن تجويد الفكرة ويضمن خلودها ، فدعك من أولئك الذين عادوا الكمال الفني بطبائعهم ... الخ » . أو حيث يقول في ص ٢٦ : « وليس أدل على أن الشأن الأول في البلاغة إنما هو لرونق اللفظ وبراءة التركيب ، من أن المعنى المبذول أو المرذول أو التافه قد يتسم بالجمال ، ويظفر بالخلود ، إذا جاد سبكه وحسن معرضه . ولا بأس أن أقدم إليك مثلا آلاف الأمثلة ، ، بلغ معناه الغاية في السوقية والفحش ، ، ومع ذا ذلك تحب أن تسمعه وتحفظه وتعيده لأنه بلغ من سر الصناعة غاية تطلع دونها أكثر الأقلام . « قال أبو العيناء الأعمى لابن ثوابة : بلغنى ما خاطبت به أبا الصقر ، وما منعه من استقصاء الجواب إلا أنه لم ير عرضا فيمضغه ، ولا مجدا فيهدمه « فقال له ابن ثوابة : ما أنت والكلام یا مکدی(۱) ؟ « فقال أبو العيناء : لا ينكر على ابن ثمانين سنة ، قد ذهب بصره ، وجفاه سلطانه ، أن يعول على إخوانه ، ثم رماه بمعنى فاحش مكشوف . فقال ابن ثوابة : « الساعة آمر أحد غلماني بك . فقال أبو العيناء : (1) المكدى : من يسأل كلام الناس .