صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/288

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

کعذاري أخفين في الماء بضاً سابحات به وأيدين بضــا فمن الوجهة البصرية البحتة نرى هذا الوصف دقيقا ، ومن وجهة التشبيهات الشعرية نرى كذلك تشبيها في كل بيت – على حدة جميلا ولكن هنالك شيئاً آخر ، هو جمال التناسق في الظلال النفسية التي تلقيها التشبيهات لتؤثر في الحس ، فتغمره مشاعر خاصة إزاء المنظر المتخيل من وراء هذه الظلال . – ٢٨٤ - ( فتعالوا ننظر في الظلال النفسية لكل تشبيه من هذين التشبيهين : قف بتلك القصور في اليم غرق ممسكا بعضها من الذعر بعضا الذعر نحن إذن أمام مشهد غرق ، والفرق مذعورون يمسـك بعضهم من بعضاً والظل الذي يلقيه هذا المشهد في النفس هو ظل كئيب منبعث من شبح الفناء ، ومن مشهد الغرق ومن حركة الذعر . ففيه إذن ما يقبض الصدر ، .ويكمد النفس ، ويثير الأسى . وفى وسط هذا الجو القابض الآسى الحزين ننتقل فجأة إلى ظل آخر يلقيه البيت التالي : گذاري أخفين في الماء بضا سابحات به وأبدين يضا فأي شعور بالانطلاق والخفة والمرح ، يوحيه مشهد العذارى يرتدن المـاء سابحات ، يخفين في الماء بضاً ، ويبدين بضا ! إنه ظل لا يتسق بحال مع الظل الأول . والمفروض أن الشاعر إنسان حساس يتأثر بالمشاهد ، فتطبع شعوره في وقت ما بطابع معين . فأي الشعورين كان في نفس شوقى ، وهو يقف أمام هيكل أنس الوجود ؟ أهو شعور المرح والغبطة .والطلاقة والعبث فخطر له خاطر العذاري المرحات السابحات في الماء ؟ أم شعور الانقباض والكآبة والأسى ، فخطر له خاطر الغرق ممسكا بعضهم من الذعر (