صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/286

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۸۲ – « وهناك وتر ثالث شده أمير الشعراء إلى قيثارته كما شده غيره من الشعراء عنيت به وتر الحكمة ، أو الاجتماعيات ، وله فيه أيضا الشيء الكثير . ولا عجب أن تكثر الحكم والنصائح وضروب الإرشاد في شعر من تقنى بالدين والوطن ولقد أشار شوقى نفسه إلى ذلك ، بل رأى الحكمة فنا من فنون الشعر الرئيسية . نصيحة ملؤها الإخلاص صادقة والنصح خالصه دين وإيمـان والشعر ما لم يكن ذكرى وعاطفة أو حكمة ، فهو تقطيع وأوزان ید « وقد امتاز بما استخرجه من هذا النوع أيضا ، وطبعه بطابعه الخاص شأنه فيه شأنه في الألحان التي استنبطها من سائر الأوتار. « فقد امتازت حكمه واجتماعياته بسهولة معناها ، ورواء مبناها ، فجمعت إلى أبهة الحكمة وجلالتها ، عذوبة الحياة وطلاوتها . ففلسفته في الحياة فلسفة باسمة ، لا عبوس فيها ولا تجهم ، فهي الحكمة تحمل زهرا ؛ وهي فلسفة هيئة سهلة ، لا تصعيب فيها ولا تعقيد ، بل تبدو وضاحة المذهب ، سهلة المطلب ، لا يقصـد منها إلا إلى العدل والوئام ومكارم الأخلاق » . وفي اعتقادي أن المسألة هنا تحتاج إلى شيء من التحديد والتخصيص فالأولى أن نسمى حكمة شوقى : « مواعظ شوقی » » أو « اجتماعيات شوقی » كما )) 6 عبر عنها أنطون باشا في بعض المواضع . فهذا التعريف أدق وأكثر تحديدا لطبيعة هذا القسم من شعر شوقى والمسافة كبيرة بين الحكمة والموعظة ، فالحكمة تقتضى فلسفة خاصة وطابعا معينا . كالذي نلحظه في حكمة المتنبي مثلا أو حكمة المعرى ، وكلاهما يطبع فلسفته بطابعه فيعرف به ولو لم يذكر اسمه . ولا طابع لحكم شوقى ومواعظه فهي مواعظ شائعة لا تحمل سمة شخص معين . ولا تتناول إلا مسائل يومية كالحض على مكارم الأخلاق ! 4