صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/283

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۲۷۹ – ولقد كان – من غير شك – في جميع الأوقات ينفذ وصيته في « مجنون ليلى » إذا الفتنة اضطرمت في البلاد ورمت النجـــــــاة فكن إمعة فالنجاة والسلامة هي التي كانت تسير شوقى في أماديحه وموا اعظه كلها بحيث لا تكلفه جهدا ولا مشقة ولا تضحية من أي نوع ومن أي لون . وإذا احتاج هذا لشيء فإنما يحتاج إلى «كثير من البراعة والمرونة واللباقة » كما يقول الجميل باشا في فقرة سابقة. واسكنه لا يحتاج أبدا « إلى شجاعة في النفس الاقدام على ذلك ، كما يقول في الفقرة ذاتها ، فالسلامة مكفولة ، ولا ضرر من هذه النصائح ولا ضرار ! ! . . وعلى ذكر « التعصب » الذي ورد ذكره في السياق ، والذي « عرف شوقى كيف يتجنبه » أقرر أنه ليس كل تعصب ضيقا في آفاق النفس والفكر ولا كل تسامح رحابة نفس وفسحة عقل . فالتعصب في حالات كثيرة ثمرة اقتناع برسالة كبيرة . وجميع وأصحاب الدعوات الضخمة كانوا – على نحو من الأنحاء -- متعصبين لدعواتهم مصرين عليها . ولولا هذا ما نجحت تلك الدعوات الأنبيـاء 6 والتسامح قد يكون منشؤه حب السلامة واتقاء الضرر ، وضعف النفس عن الإصرار والمقاومة ، وعجزها عن بذل الجهد الذي يبذله عادة أصحاب المبادىء والعقائد وربما كانت الفترة التي عاش فيها شوقى أشد الفترات حاجة للتعصب المبادىء والدفاع عنها ، فقد كانت فترة اليقظة والنهضة في مبدئها . وهذه تحتاج إلى جهد وتضحية ، أكثر مما تحتاج إلى التراخي والاسترخاء وأصدق ما يقال عن شوقى : إن هذه لم تكن سماحة نفس ، وإنما كانت هي