صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/282

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۷۸ – الأول : أن المسافة بعيدة بين الشاعر والواعظ . فلا يحتج للشاعر بأنه قام بدور الوعظ والإرشاد . والثاني : أن الشاعر هنا لم يقم حتى بدور الواعظ . والعودة إلى التاريخ تكشف وجه الحق في الموضوع فالواعظ ذو الشخصية الذي يسلكه التاريخ في تاريخ الوعاظ ، ويعرف له قيمته في هذا المجال هو الواعظ الذي يوجه الأشخاص والتيارات ، لا الذي يتبع الأشخاص والتيارات ونحن حين نتتبع شوقى في مواعظه التي ضمنها أماديحه لا نراه مرة واحدة قام بدور الموجه ، إنما قام دائما بدور المحبذ للأمر الواقع حقيقة إذا ذكر الدستور لم يذكره في إبان النضال من أجله ، والتضحية في سبيله . وإنما يذكره بعد أن . يصبح قاعة ، ويدافع عن الدستور حين يكون الدستور في غير حاجة للدفاع ، ويصمت عنه حين يحتاج للذود والكفاح ! مدح عبد الحميد عدة مدائح قبل إعلان الدستور ، فلم يذكر الدستور مرة واحدة ، ثم رنى نكبته أديل عن السرير ، وهنا فقط نصح له أو تمنى له أن كان قد سمع لصوت الشعب وقبل الدستور ! وكذلك في مصر ، لم يتحدث عن زمان الفرد الذي ولى ، إلا بعد أن ولى فعلا . وبعد أن اختار الملك فؤاد أن يحكم بلاده حكما دستوريا فصدر دستور سنة 1973 . أما قبل ذلك فلم ينبس عن الدستور بكلمة . وأما بعد ذلك حين عطل الدستور . فصمت كذلك عن هذا الدستور . وكذلك الفضائل التي أثنى عليها في الممدوحين ، أثنى عليها بعد أن تقررت ، ولم يذكرها إطلاقا وهي فكرة براد تحقيقها وبذلك لم يكن شوقى واعظا ، بل كان مؤيدا لكل حالة واقعة بعد وقوعها