صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/256

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ٢٥٢ - من الحيرة . ثم رأى في على بطالة وفكاهة ، وفى طلحة زهواً ونخوة ، وفى عبد الرحمن بن عوف صلاحاً مع ضعف ، ورأى أن سعداً صاحب مقنب وقتال لا يقوم بقرية لو حمل أمرها ، ورأى أن الزبير لقيس ، مؤمن الرضى ، كافر الغضب ، شحيح ، ورأى أن عثمان لو ولى الخلافة لحمل قومه أبي معيط على رقاب الناس ؛ ثم سأل أن يدلوه على بر تقى بوليه ؛ ثم صح عزمه على أن يستخلف النفر الذين توفي الرسول وهو عنهم راض . فجعل الخلافة شورى بين هؤلاء الستة من المهاجرين الأولين ، وهم : على وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن ابن عوف وسعد بن أبي وقاص . ومنهم من حدث أن سعداً لم يكن في الشورى ، أما عبد الله بن عمر فقد أدخله أبوه فيها على أنه خارج من الخلافة وليس له إلا الاختيار . 6 « كل هذا يدل على الارتباك ، ولقد كانت هذه الطريقة سبيلا إلى المخاصمة ، فقد تشاح أصحاب الشورى على الخلافة ،وأخروا إبرام الأمر، ورجا كل واحد منهم أن يكون خليفة ، حتى إن أبا طلحة بكى وقال : كنت أظن الحرص ، إنما كنت أخاف أن يتدافعوها ، فلقد طال تناجي القوم وتناظرهم خلاف هذا ودفع كل واحد منهم صاحبه عنها ، وكاد يؤدى هذا الأمر إلى الفتنة ، فقد تطلع الناس إلى معرفة خليفتهم وإمامهم ، واحتاج من أقام لانتظار ذلك من أهل البلدان إلى الرجوع إلى أوطانهم ( « ولسنا ندري ما الذي حمل سيدنا عمر على الوقوع في هذا الارتباك ، وقد كان قادراً على أن يستخلف أصلح القوم ، وهو يعرفهم واحداً واحداً ، ويعرف عيوبهم وفضائلهم ، ولكنه عدل ذلك . وإذا لجأت إلى الحرية في الكلام عن قلت : خاف التبعة ففر منها ، فإن جعل الأمر شورى بين جماعة كل واحد منهم يريد الخلافة لنفسه مخالف للقواعد النفسية في السياسة ، ولقد أنقذ الله المسلمين فتنة الشورى وكانوا في غنى عنها لو حزم عمر .