صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/243

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۲۳۹ - المحيط الهندي وعرضه ، ونشرت صورتها على صفحات الجرائد ، فلم تزدها الشهرة خيلاء على خيلاء ، ولم تزدها رؤية الأمصار ثروة أو خبرة ، بل ولم تمكنها هذه الحياة من انتقاء عريس صالح بين هررة سيلان أو قطط زنجبار أو سنانير الهند . عادت إلى مسقط رأسها في السويس عذراء ذهبية الشعر ، أوفت على من الزواج ، وقد غادرتها طفلة في لون الحناء » ! أو حين يقف بك في هذه السفينة نفسها بعد انتهاء الرحلة وتفرق الركب وخواء المكان ، فيحدثك حديث الشاعر الذي يخلع الحياة على الجماد وعلى وتستجيب الذكريات فتنبض وتتحرك « لقد عاد كل منهم إلى وطنه وعمله ، وعادت سفينتنا في نفوسهم ذكرى يزيدها الزمن ائتلاقا . ولكنهم تركوني هنا وحدى ، كالشاعر البدوى ، أبكى فوق الدمن ، وأستبكى الرائح والنادي ! تركوني أجوس خلال هذه القمرات والمعامل ، فتتألب على أشباح ذكراهم حتى لأخال نفسي شبحا بين الأشباح « إيه أيتها السفينة ! . إيه أيها الجواد الأشهب ! « هل قدر لنا أن تنوء بحمل الذكرى ؟ أو أننا سوف نعود سويا إلى خوض D 6 البحار النائية ، حيث للموج اصطخاب وهدير ، وللاعصار صرير وصفير ؟ » . أو حين يتحدث عن « حياة البحار » فينقلك نقلا إلى جو هذه الحياة ، أو حين يقف بك على « منفى الزعيم » في سيشل فتجد نبضات القلب المصرى ، وخفقات القلب الإنساني تلتقيان في خلال الكلمات . أو حين يتحدث عن « غادة ممباسا » في فصل « نسائيات » فتلتقى بالفنان الحي الذي يعبد الحياة في أجمل أوضاعها في جسم فتاة مكتمل جميل تزينه الأنوثة وتحمله الحياة ، ويرفعه الاحترام . أو حين يقف أمام تمثال « بوذا » فيبدو لك المفكر الحر الذي يستروح في « البوذية » شذا الحرية والبساطة والسياحة ، بعد ما كاد يختنق تحت كابوس القيود والتعقيد ...