صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/244

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ٢٤٠ - والتشدد في « الهندوسية » التي تخيفه وتفزعه وتطلقه ساخطاً على الشرق كله في بعض الأحيان !

وهنا يصل بنا الحديث إلى مفرق الطريق بيننا وبين السندباد ! . إنه فنان شديد الحساسية عصبى المزاج . . ومن عادة هذا الصنف من الناس أن تستغرقه اللحظة الحاضرة ، وأن تستفزه المشاهد المثيرة ، وأن يفزع من والكوت ، وأن تمتد ثورته من الطرف الواحد إلى بقية الأطراف ! الضغط هذا الفنان الشديد الحساسية العصبي المزاج « قضى أهم أدوار التكوين من عمره في أوربا » فبهرته الأضواء ، وأعجبته الحيوية ، وراقه النشاط، ولذله الانطلاق

ثم «ذهب إلى الشرق» وإلى الهند بوجه خاص ، فالتقى هناك بالوجه الثاني للدرهم : الزهد والصوفية ، والصمت والسكون ، والكبت والحرمان ، والوراثات والعقائد . وهان كل ذلك ، لولا أن الحياة الاجتماعية تبدو في أشنع الصور ، وأحط الدركات : العرى والجوع والقذارة وظلم الطبقات : النجاســـــــة للمنبوذين ، والتقديس للبراهمة ... إلى آخر المناسك والتقاليد والأوضاع وبعد ذلك كله الخوف الديني الموغل في المعتقدات حول تناسخ الأرواح ، وما تلقاه في أطوار التناسخ من العذاب للتكفير عن السيئات ... )) . السخط على لم يكن هناك مقر بعد هـذا كله ـ لمثل صاحبنا السندباد ـ من هذا الشرق التاعس ، والهلع من أشباح الخوف الكامنة في هذه المعتقدات « الإيمان بكل ما هو غربى » كما يقول في إهداء الكتاب . ومن . فإذا شاهد الراقصة « جليلة » في كراتشي «ترقص رقصاً توقيعياً لافن فيه» صاح : « جليلة هي هذا الشرق الطويل المريض الفارغ . هي تلك الشعوب التي ما زالت تفكر وتحس بإحساس القرون الوسطى ؛ وتصر على حسبان بواقي