صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/241

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۳۳۷ - أو « سندبادات » كثيرة موزعة في هذه النفوس ، التي تركب الخطر وتستلذ المجازفة ، وهي تلقى بوعيها كله أو بعضه إلى ذلك النداء السحري ، نداء المجهول الذي يهتف بها من هناك . والدكتور « حسين فوزي » هو « سندبادنا » اليوم ! وهو رجـل ندب لرحلة علمية في البحر الأحمر والمحيط الهندي ضمن بعثة عالمية لدراسة أحياء البحر والمحيط ، وقد طوف – مع البعثة – على باخرة مصرية طوال تسعة أشهر ، في البحر والبر ، في الجزر والقارة ، وزار معابد الهند وسيلان ، وسواها من الجزر - المنثورة في المحيط . ثم عاد . ولحسن الحظ كان « الإنسان » في هذا الرجل أكبر من « الموظف » الذي ندب لعمل رسمى ، وأكبر من « العالم » الذي وجه لمهمة عامية . كان « فنانا » فلم يضع هذه الأشهر التسعة في الدراسة العلمية البحتة ؛ بل أدى واجبه ثم بقيت في نفسه بقية لما هو أكبر من هذه الدراسة وأبقى ؛ وعادت البعثة وملء وطابها تجاربها ومعلوماتها ودراستها ، ثم عاد هو وملوء وطابه الخاص ملاحظاته الإنسانية ، وانفعالاته الوجدانية، واستجاباته العاطفية و تجاربه النفسية، فأودع ذلك كله كتابه « سندباد عصرى » الذي نتحدث عنه اليوم . يقع هـ هذا الكتاب في 383 صفحة من القطع المتوسط ، مقسمة إلى أربعة أقسام « عبث ، وصـور ، وجد ، ومشاعر » وتحت كل قسم من هذه الأقسام الأربعة فصول يجمعها العنوان وخلف جميع العنوانات والفصول يطالعك إنسان حي الوجدان ، متوفز الحس مفتوح الحواس ، ينظر ، وينفعل ، ويستجيب ، وتشترك ثقافته العلمية ، وقراءاته الأدبية ، وتجاربه الفنية ، في تلوين ما ترى عينه من مناظر ، وما يجيش في نفسه من أحاسيس ، وما يصدر عنه من ملاحظات ؛ ولا يعوزك أن تلمح ريشة الفنان ،

(