صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/240

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۳۶ -- ســــــــــندباد عصری للدكتور حسين فوزی في قرارة كل نفس إنسانية « سندباد » أو شعرة من « السندباد » ، ولو لم يطوف مثله في بحار الأرض ويتعرض في طوافه لشتى الأخطار ! فمن هو « السندباد البحري » في حقيقته ؟ إنه المخلوق الإنساني الذي يناديه المجهول فيلبيه ، ويجذبه الخطر فيستجيب إليه ، ويتعرض للأهوال الشداد الجسام في كل رحلة من رحلاته ، ثم يبلغ مأمنه بعد الإياس ، ويسترد ثروته بعد الفقدان ولكن المجهول يناديه والخطر يجذبه إليه ، فما يلبث أن يودع الأمن ، ويستصغر الثروة ، ويعود إلى المجازفة من جديد ؛ وراء ذلك المجهول المحجوب ، وخلف هذا ا الخطر المحبوب ! ذلك هو السندباد كما تصوره « ألف ليلة وليلة » فأية نفس إنسانية ليس فيها من هذا « السندباد » شعرة أو شعرات ؟ ! من منا لم يجذبه المجهول مرة أو مرات ولم يستهوه الخطر لحظة أو لحظات ، ولم يستعذب « المعرفة » ولو كلفته التضحية والتضحيات ؟ كل منا فيه من هذا « السندباد » شعرة ظاهرة أو كامنة ؛ ولكنها هي التي تربط الإنسانية بالعالم الأرفع ، عالم « المعرفة » في عليين وكم من « سندباد » ظاهر قاد كولمبوس ، وفاسكودي جاما ، وما جـلان وابن بطوطة ، وسواهم ؛ وكم من « سندباد » خفى قاد العلماء والمخترعين إلى آلاتهم ومعاملهم ، وقاد الفلاسفة والفنانين إلى مغامراتهم الفكرية والوجدانية ؟ إنه « سند باد » واحـد تتعدد مظاهره ونوازعه في شتى النفوس ، ا (