صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/238

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وأشواق النفوس الحالة ، وخطرات الوجدان المرفرفة ، فيكون التعبير كاملا ع - ٢٣٤ - عن الاتجاهات في آن عظمة هذا المخلوق الانساني العجيب ، الذي تنفسح نفسه لشتى . ی إن الأشواق الحبيسة ، والأحلام الطائرة ، والخواطر المرفرفة والتأملات السابحة ، لا تقل في دلالتها على عظمة هذا الإنسان وتعدد جوانب نفسه وترامی آفاق طاقته عن أعظم المخترعات وأضخم الآلات ، ولكنها في حاجة إلى نظرة رحيبة تدرك ما في النفس الإنسانية من طاقات متعددة المظاهي متوحدة الأصول ، وكلها أصيلة في كيان الإنسان والمؤلف يريد من الشرق أن يحمل المشعل للغرب لينقذه من بلادة الحديد وقسوة | ة الآلات ، ويرده إلى حياة شاعرة بما لها من قيمة ومعنى أكبر من الآلات والماديات من تنبيه إلى قيمة الإنسان هي وأخشى أن لا تكون الفتنة بالحضارة المادية – مهما يكن وراء هذه الفتنة الطريق القويم لإيقاظ روح الغرب المادية فما نزيد على أن نقدم لهم إعجابنا بما أبدعته أيديهم من عالم المادة ... وأياما كانت دعوتنا الكامنة وراء هذا الإعجاب فإنها لن تهز أولئك الغارقين في ضجيج الآلات . إنما طريقنا إذا استطعنا – أن نبشر بحضارة روحية مستمدة من صميم اتجاهنا الروحي الأصيل ، يعلو صوتها على صوت الآلات ، فتكون كفيلة بإنقاذ الغارقين في ضجيج المادة وصخب العجلات - م طريقنا أن نؤمن بأنفسنا ، أي أن نؤمن باتجاهاتنا الروحية الخالصة ، وبما في الشرق من طاقة روحية مذخورة ، تستطيع لو أحسن توجيهها وتنقيتها من الخرافة والجهل أن ترد العالم إلى يقين بعظمة النفس الإنسانية في ذاتها ، لا بما استطاعت أن تبدعه في المادة وحدها .