صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/232

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۳۳۸ – لباسه الأوربي العقد المنوع المزين الملون، وصنع بيته من ناطحات السحاب، وآلات سطوته من الطوربيد و « سلة مولوتوف » والقنابل الطائرة ودبابات « شرشل » ، الحصون الطائرة ، واستوعب جميع ومراكبه من أجزاء الآلات ، المعقدة في رأسه مثل تركيبها بمساميرها وحذافيرها ... وصنع له مجاهر ومقربات يقرب بها مشاهد السموات والسدم ، ويحلل عناصرها ، ويكبر بها مناظر الجراثيم ، ويقيس بها الخلايا ، ويحكم بها على كل أولئك حكما صحيحاً خاضعاً لمقاييس الحس والفكر ... واستعرض أعماله هذه ، فأراه بعد ذلك روحاً ناميا في ذاته ، ومنميا للطبيعة وصورها وأشكالها كذلك » . ... « إن شئت فقل : إن الإنسان أشبه بمجهر تمر من خلاله الطبيعة الأرضية بخصائصها التي كانت « غيباً » مستوراً قبل ظهور هذا النوع ، فتتساقط على عينيه أنوارها وظلماتها ، وعلى سمعه نغماتها وأصواتها ، وعلى خياشيمه عطورها و نقاتها ، وعلى ملابسه نعوماتها وخشوناتها ، ويقع على إحساسه العام ثقل المادة وصعق الكهرباء وشد الجاذبية ، وتمر على فكره معانى الوجود ومعانى العدم ... ثم كل هذه الكلمات الصامتة بكلمات ناطقة من بيانه الذي اختصه به باریء الطبيعة ... فكل شيء في الطبيعة الأرضية كان لا بد أن يمر من حواس هذا النوع وفكره ليأخذ حدوده ومميزاته ، ويرمز إليه بكلمة بيانه يضعها خليفة الله في ما أثبته تحليل ضوء العناصر من الأرض ، وإذا صح . أن العناصر التي في النجوم والكواكب هي بعينها العناصر التي في الأرض ، كان في هذا زيادة في النظر لقيمة الإنسان كمترجم ومحدد لعناصر الطبيعة في غير الأرض أيضاً » . ... « ولست أدرى متى يفيق الإنسان لنفسه .، ويعنى بوضعه ، وتحولات حياته كما يعنى بمستقبل المواد والقوى ، ويربط ما بينه وبين الله مفيض الفكر والحياة ، كما يربط ما بين نفسه وأجزاء الأرض. ... » ی