صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/231

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۲۷ في صيحات وصعقات نكراء ، ترسلها أفواه وحوش الحديد والفولاذ الرابضة والسائرة والسابحة والطائرة . زلزات فجأتها وفجراتها وجرائمها دعائم يقينی و عقیدتی في ذلك الجنس وأملى في مستقبله . « ولكني عدت وقلت لنفسي : هل يمكن أن يفعل مثل هذه الأفاعيل لو كان يدرك نفسه ، ويؤمن بها ، ويعلم مدى ما يريده رب الحياة منه ، حين أخرجه إلى الأرض ، وجعله خليفة يخلفه خلافة واسعة في عمارة الحياة وكشف أسرارها ومحاكاة نماذجها وأفساح مداها ؟ » ... « فلا يحملنا واقع الحياة السيء على الكفر بها في نصابها الأعلى من الجمال والصلاح والكمال الذي يوصى به الحق ، والفن الرفيع ، والمثل الأعلى الذي يملأ مخيلاتنا ويثير أرواحنا . ذلك الذي يدل على أنه من الممكن أن الله شغل به أحلامنا وكلفنا السعى إليه ، فلو لم يكن ممكنا ما كلفنا إياه ، ولا شغل به أرواحنا ولا أودعه إلهامنا » . « ولنستعرض تاريخ الإنسان على هذه الأرض لندرك مدى مركزه فيها ، ولنعطيه من تاريخه مصباحاً يرى به نفسه : إن الله أسامه الأرض وليس فيها شيء معقد التركيب غير الأجسام العضوية الحسية ، وهي أجسامه وأجسام الحيوان والنبات ، أما الجوامد فأسلمها إليه بسيطة في صورها الأولى وخاماتها البكر ، فما زال يدور حولها ، وبعبث بها ، وينبش ويخرج أسرارها واحداً بعد آخر، حتى حدثته أخبارها ، وأخرجت له أثقالها ، ووضعت بين يديه أجنتها وعيالها واستفاد من تجاربه فيها عقله وحكمته – والعقل هو حفظ التجارب والحكم بمقتضاها – ووتائق سيرته ومرونات فكره » .

« وإلى لأستعرض أعماله في الطبيعة منذ أن كان هائما لا سقف له ، . ، يصنع من ورق الشجر ستاراً لسوأته ، ويتخذ من الحجر خنجراً لسطوته ، إلى أن صنع