صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/233

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۲۹ – ... « إن الاستسلام الغيبوبة الحياة الآلية ضياع ، وتطبيع بطبع الحديد البليد الأعمى الدائر في غير وعى ولا إحساس ، وأخوف ما يخاف على الإنسان أن يترك هكذا فريسة وضحية للآلات والماديات ، يعيش معها وحدها ويقدم لها وقودها إلى أن يفنى وقود حياته هو، وينطفىء مسباحه ويذهب إلى ظلمة القبور بدون بصيرة روحية منيرة ، يسمي نورها بين يديه في العالم الباقى غير المنظور » « وعلى هذا ينبغي أن تنشط في الناس دعوات الإحساس بالنفس واليقظة الدائمة لها وتزكيتها والرفع من قيمتها ، وهذا لا يكون إلا بالدين والفن الرفيع، الدين العقلى الطبيعي المبنى على إسلام النفس الله الباريء ، وللطبيعة الأستاذة – والفن الرفيع الذي يخلق جواً يحضر للقلب بعض المعاني الغائبة التي ترى الإنسان وضعه الممتاز الفريد الطليق وسط ما في الكون من المواد والقوى والمخلوقات السجينة ... تلك المعاني التي تتراءى وراء ذوى البيان النظيف وألحان ذوى الأصداء البعيدة ، وعيون ذوى الصفاء والإدراك » . ... « لقد صارت الحياة المادية بما أدخله عليها العلم والفن قيمة جداً تحمل على الثقة بالإنسان كمامل عظيم من عوامل التكوين والتنويع التي في يد الله ... فيةبح جداً بالإنسان أن يترك نفسه تحت تأثر الغرائز العنيفة والحماقات القديمة التي تحمله على تدمير تلك الحياة المادية القديمة » . ... « ويخيل إلى أن العالم الغربي – وخاصة الأوربي – على استعداد لأن يسمع كلاماً جديداً غير ما ألفه في السياسة والحياة والاجتماع ، ونحن – سكان الشرق الأدنى والأوسط – أقرب المجموعات البشرية – إلى المجموعات الأوربية وأدناها منها مزاجاً وروحاً ، ومثلنا العليا في الدين والخلق والاجتماع قد انتقلت إليهم، ودانوا بها حقباً طوالا من الزمان ، فمن غير الصعب أن يستمعوا إلينا ، ولكن على شرط أن نكون مخلصين في دعواتنا ، محترمين لأنفسنا مؤمنين بما عندنا ، -