صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/230

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۲۶ - الطبيعة في العهد الأخير ، ومشاركته هذه الطبيعة في التكوين والتنويع ؛ ويرى أن خطواته الأخيرة في هذا المجال تعدل بل تسمو على مجموع خطاه منذ فجر الإنسانية إلى هذه القرون الأخيرة ، وأن هذه الفتوح العالمية بدء مرحلة جديدة في تاريخ الإنسانية ، وأن هذه الخطوة الأخيرة ينبغي أن نتخذ منها دليلا جديداً على الإيمان بالإنسان ، كما أنها دليل على الإيمان بالله رب هذا الإنسان الذي جعله خليفة في الأرض ، دليل مادى ماموس يرقى على كل الأدلة التي لاحت للانسانية في تاريخها الطويل ... وهو شديد الإعجاب بهذه الحضارة المادية إلى حد الافتتان . ولكن مالي لا أدع للمؤلف نفسه شرح فكرته ويعرف بكتابه ؟ فقد يكون هو أقدر من سواء على القيام بهذه المهمة : « هتفت « أومن بالإنسان » استجابة لنداء الحياة ونداء النفس فقد نادتني الحياة الإنسانية الراهنة الزاخرة إلى الإيمان به وبمستقبله رغم إثمه وشره في عصره هذا ، وحملتنى على ذلك بنبوتها – والحياة المدنية الحالية نبوة ، نبوة شيوعية ... أخذت جميع أمم الأرض بمعجزاتها ، وأخضعت أعناقهم بأدواتها المأخوذة من أسرار الطبيعة ، فلنعرفها على حقيقتها ، ولنعلم أنها باب الملكوت الذي وعدت به رسالات الشرق الأولى التي وجهت الإنسانية . - « إنها نبوة الطبيعة وقوانينها ، وحقائق الأشياء وبراهينها ، لا نبوة الإرشاد والتربيب والكلام الذي ألقاه الرجال الآباء في سمع الإنسانية وهي في أدوار تكوين وتطبيع الأعصاب ، وتوجيه الأخلاق بالرحمة والإخلاص والإيمان ، وسمو النظرة إلى الإنسان في حياته هنا وفى مصيره هناك ، وهي صفات لا بد منها في المهود والمدارج . ... « وحينها فجأتني صيحة هذه الحرب الفاجرة الجبارة ، التي تدور طواحينها الحمراء على جماجم الإنسان ، وتذور فيها رياح النار مدنه وآثاره العامرة بالجمال والحرمات . وتحيلها خرائب وأطلالا تعمرها أشباح الهول ، وتتساقط على المصارع