صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/225

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۲۱ - هذه السلسلة من المقالات التي اقتطفنا منها هذه الفقرات الطويلة هي العمود الفقرى في الكتاب ، وهي أجود محتوياته على العموم ، وفيها يبدو إيمانه بالشرق وبصيرته ، وهو في الوقت ذاته لا يغمط الغرب وبصره حقه وللشرق إذن دوره الخالد في بناء هذه الحياة ، وأمامه أدواز أخرى عليه أن يؤديها بطريقته الخاصة ، وليست طريقته أن يقلد الغرب في وسائله ، ولا أن بيأس إذا سبقه الغرب في مجاله الخاص ، أو يصغر من شأن معتقداته وشعوره ، ولا أن يحنى هامته أمام الآلة وحضارتها المادية المروعة وأنا أوثر أن يهتف للشرق دائما بهذا الهتاف ، وأنكر الدعوات التي ی تبعتها الفتنة بحضارة الغرب المادية إلى حد التذاوب فيها والفناء إنه يجب أن نفرق دائما بين الضعف والتخلف الموقوتين ، وروح الشرق الأصيلة وتعاليمه الصميمة ، ولا تأخذنا الفتنة بالحضارة المادية إلى حد الزراية على الأهداف الروحية الخالصة ، والتعاليم المثالية المجردة ، والسبحات الروحية المرفرفة ، والومضات الإشراقية حتى شطحات الخيال ومؤلف « البيادر » يرد لهذه الاتجاهات الشرقية الصميمة اعتبارها ، ويعرضها في حماسة شعرية ، وفى وضوح ذهنى كذلك في سلسلة المقالات التي عقدها بعنوان : « التوأمان : الشرق والغرب » وهذه الروح تتمشى كذلك في محتويات الكتاب كله من خطب وأقاصيص ومقالات على تفاوت بينها في الجودة والوضوح وحسن الأداء والتوفيق . وأبرز ما تبدو محاكاة روح الشرق الفكرية والشعورية ، وعقيدته الغيبية القدرية في مقال بعنوان : « إن شاء الله » وفيه يقول : « يشقى العالم بغروره وسيظل في شقائه إلى أن يتعلم ما تعلمه هذا الشرق من زمان ثم نسى معناه . إلى أن يتعلم قول « إن شاء الله » . فالمعيشة لا تكون