صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/224

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۳۰ - « ثم أقول لكم : إن الغرب لعاجز عن خلق مثل هذا الهدف ، بل عن خلق أي هدف للانسان يقوى على الزمان وتقلباته. ذلك لأن الغرب سائر على ضوء بصره والبصر لا يثبت على حال ، لأن الأشياء التي يتناولها لا تثبت على حال . ولكن للغرب رسالة كما للشرق رسالة ... إن تكن رسالة الشرق البصير خلق الأهداف فرسالة الغرب المبصر هي تعبيد الطريق إليها » . - مع ثم يمضى بعد ذلك يذكر فتوحات العلم الحديث ، ويرى أنها مما يساعد على تعبيد الطريق إلى الهدف البعيد الذي رسمه الشرق منذ أجيال ، لأنها عجائب يدركها البصر – وإدراك البصر مهيأ لأكبر عدد من الناس - ثم يقول : « وعند ما تبلغ علوم الغرب المادية أقصى مداها . عند ما تفلق الذرة أو تريد عاجزة عن فلقها . ستراها وجها لوجه مع ما يجعل المادة مادة وليس بمادة القدرة التي أسماها الشرق ( الله ) ورفعها هدفاً للانسان المخلوق على صورتها ومثالها . وبكلمة أخرى سينتهى الغرب من المحسوس إلى غير المحسوس وبذاك تنتهى مهمته في هذه الدورة من حياة الإنسانية ، وتبتدى من جديد مهمة الشرق . « ومهمة الشرق إذ ذاك ، وقد مهد الغرب له الطريق إلى الهدف ، هي جلو ذلك الهدف كما يظهر في كل بهائه ، نقيا من السفاسف والترهات التي حجب الجهل بها سناء وجهه باسم الله والدين ، وما هي من الدين والله لا يخمر ولا بخل . شعث الإنسانية التائهة ما بين بصرها وبصيرتها ، وبث النشاط في مفاصلها المفككة ، وبعث الإيمان الدفين في قلبها بجمال ذلك الهدف وحكمته وعدله ، ثم السير بهذه الإنسانية المتجددة نحو هدفها بخطى لا تردد فيها ، وعزم لا التواء فيه ، وإرادة تعرف ما تريد ، ولا تريد غير ما تعرف ، فلا يقهرها شك ولا يثنيها عياء » .