صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/222

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۱۸ - « ما هذا ؟ ما هذا ؟ أبصيرة تستجدى بصراً ، أشمس تستغيث بذبالة ؟ « أجل إن بصراً نشيطاً لخبر من بصيرة كليلة . وبصيرة الشرق حل بها كلال منذ أن بلغت من مداها أقصاها ، وإن ذبالة تشتعل الخير من الشمس اعتراها الكسوف . وشمس الشرق حل بها كسوف منذ أن انكفأ الشرق على ذاته في جزره الطويل . إلا أن الكلال يزول بالراحة ، والكسوف بعد أن يبلغ حده ينجلى عن شمس كلها نار وكلها نور ، ومن ثم فالحياة – وهي أم التوأمين بالسواء ، أم البصيرة والبصر ، أم الشرق والغرب – ما درجت بالشرق إلى أسمى ذراه حتى عادت فدرجت بالغرب . والذروتان ستلتقيان حتما في ذروة واحدة ، هي ذروة الإنسان الموحد ، والمالك زمام نفسه ، وزمام الأرض والسماء » . وفي موضع آخر يقول : « أصحيح ما يزعمه الزاعمون أن أنبياء الشرق قد جنوا على الشرق ، وأن أديان الشرق هي أكبر آفات الشرق ؟ أصحيح أن السماء قد شغلت الشرق عن الأرض ، والآخرة عن الدنيا . وأن الاعتقاد بالقدر قد غل يديه ، وشل" فكره ، وسدل حجاباً على عينيه ؟ أصحيح أن الشرق، مات لأنه آمن بالإله الحي الذي لا يموت ؟ . ( هدف « لا ، ثم لا ، فالذي فعله الشرق حتى اليوم ما كان أكثر من صنع أهداف له وللعالم أجمع . وتلك الأهداف تتوحد كلها في هدف واحد ، هو الكمال لهذا المخلوق الذي ندعوه إنسانا . هدف الانفلات من قيود اللحم والدم والتغلب على الحيرة وما في الحيرة من وجع . وعلى الموت وما في الموت من ألم ، والتسلط على طلاسم الوجود . ثم الانطلاق في حياة لا حدود لها ولا قيود ، برف عليها سلام المعرفة ، ويتألق في جوها بهاء الألوهة ، ويندمج في قبضتها النقيض