صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/220

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۱۹ - ينكر أن من بصيرة الشرق قد فاض على العالم مد جارف من الكمالات والجمالات الروحية ؟ من ذا ينكر على الشرق قوة اندفعت من قلبه وفكره وروحه إلى كل قلب وفكر وروح ، فتغلغلت في نبضاتها وسيطرت على خلجاتها ، وتسلطت على أقدس أشواقها وأعز أمانيها » . « من ذا ينكر على الشرق سلطانه على كل أبناء الأرض مذ كانت الأرض وكان الشرق ؟ وأي سلطان يتوخاه إنسان على إنسان أقوى من السلطان على القلب والفكر والوجدان » «ماهی بالهدية الطفيفة أن تهدى إلى العالم بأسره إلها، ومع الإلـه اليقين بأنه أبوك الشفوق الرحوم العادل ، ومع اليقين الرجاء بالانعتاق من ربقة الموت وآلام الموت . « تلك هدية الشرق إلى العالم . وهي هدية ما تلقفها العالم حتى أصبح كله معبدا لإله تعددت أسماؤه ولكنه واحد ، وإذا الناس يفتحون أبواب قلوبهم وأفكارهم وبيوتهم لذلك الإله ، فلا يأكلون ولا يشربون ولا يزوجون ولا يتزوجون ، ولا يعملون ، ولا يستريحون ، ولا يولدون ، ولا يموتون إلا باسمه ومشيئته » . t وفى هذه الفقرات الأخيرة يبدو ازدواج الشعر بالحقيقة في أسلوب ميخائيل نعيمة على خير نسق واتساق . ثم يعرض للحضارة الغربية المادية التي هي أثر من آثار البصر فيقول : « هو ذا الإنسان يهزأ بالنسر في جوه ، وبالحوت في بحره ، وبالأسد في عرينه وهو يمنطق بصوته الأرض ، ويحبس نور النهار في أسلاك يسلطها على الليل فتمحو ظلامه ، ويجترح من العجائب أشكالا وألوانا في مختبراته العجيبة . ولا ينقصه – على حد قول البسطاء – إلا أن يخلق إنسانا نظيره ثم يغلب الموت « حقاً إنه لتيار هائل جارف تتعالى أمواجه وتتدافع في كل ناحية . وفى