صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/22

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۸ - ا السخرية العميقة البادية عليه في هدوء ورزانة . السخرية من ضجة الحياة والأحياء في هـذا الكوكب الأرضى ، حتى ليحسبون الكون كله مشغولا بهمومهم الكبيرة لديهم الهينة لديه إلى حد أن لا يحس بها ولا بهم إلا بمقدار ما يرتسم هذا الظل الضئيل للأرض على وجه القمر ساعة الخسوف ... السخرية يبعد ما بين « هذا الظل المنسوق وذلك الجرم الذي أعرفه لك مواراً بالقلق والحيرة » كما يقول الشاعر الساخر العظيم : إن الصعوبة الحقيقية هنا هي هذا التصور النادر لصغر الكوكب الأرضى وما فيه ومن فيه ، وتصويره على هذا النحو في قالب فني يلقى هذه الظلال النفسية : ظلال السخرية العميقة ، والابتسامة الباهتة على شفتي فنان ! ويقول « تاجور » شاعر الهند العظيم : « لقد أمسكت بيديها ووضعتهما على صدري . « وحاولت أن أملا ذراعي من وداعتها ، وأن أسلبها بسمتها العذبة بقبلاتي . « آه . وأن أشفى هيمان عينى من نظراتها العميقة . « ولكن أين هي ؟ ه من ذا الذي يستطيع أن ينزع زرقة السماء ؟ « وحاولت أن أمسك بالجمال ، فأفلت منى ، ليترك بين يدى الجسم وحده . « وأعود حيران متعبا «كيف ينبغى للجسد أن يلمس الزهرة التي لا يقدر على لمسها غير الروح وليس في الألفاظ ولا معانيها صعوبة ، إنما الصعوبة في إدراك هذه الصوفية العميقة السمحة الشفيفة . صوفية الروح الوديعة التي تسخر في رحمة حنون من (۱) ترجمة الأستاذ لطف شلش