صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/218

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ٢١٤ - هذا الكتاب الذي بين يدي الآن يحاول أن ينبه الشرق إلى خصائصه الروحية والفكرية ، وأن يكشف له عن حقيقة قواه وعن الممكنات المهيأة لهذه القوى ، وأن يرشده إلى ميدانه الأصيل الذي يناسب طبيعته ، ويتسع لرسالته ، وتبدو فيه قوته بلا معوقات ؛ كما يحاول أن ينظر إلى مشكلات الكون والإنسانية بعين الشرق ، بعد أن يزيل عنها الغشاوات الطارئة ، والشيات العالقة ، ويجلوها كما كانت في يوم مضى ، وكما يرتقب لها في يوم من الأيام . . ومن هنا كل قيمته في هذا الأوان . وهو ليس كتابا ذا تصميم خاص في تأليفه ، إنما هو مجموعة خطب أذيع بعضها بالراديو وألقى بعضها في مختلف الأندية في لبنان وسوريا وفلسطين بين سنتي 1940 – 1944 ، ولكن له وحدة في روحه واتجاهه وأنا أوثر - متى كان ذلك ممكنا – أن أدع المؤلف دائما يشرح وجهة نظره بألفاظه ؛ قبل أن أعلق عليها بشيء ، لأن في ذلك إنصافا له وللقارىء ، وفرصة للمشاركة في الحكم والنقد مع سائر القراء . « من عقد المؤلف سلسلة مقالات تحت عنوان : « التوأمان : الشرق والغرب » . أودعها خلاصة دعوته ، وحدد فيها حقيقة مواهب الشرق والغرب ، وطبيعة دوريهما في الحياة نقتطف منها هذه الفقرات : أكمل كمالات العربية وأسماها تمييزها ما بين « البصيرة » و « البصر » وجعلها الكلمتين فرعين من أرومة واحدة ، بل توأمين من بطن واحد ؛ ولكن ذاك الفرع غير هذا . ولكن هذا التوأم غير ذاك . فكأنهما واحد وليسا بواحد فالعين إذ تمر بهما تحس" ما بينهما من تجانس ، ولكنها تحس مع التجانس تباينا . والأذن إذ تلتقطهما تستأنس في الاثنين برنة تكاد تكون واحدة ، ولكنها غير واحدة ، فهما أبدا متلاصقان متباعدان ، ومتشابهان متناقضان . أما التلاصق والتشابه ففى المصدر ، وأما التناقض والتباعد ففي الطريق والواسطة. « فالبصر – ومركزه العين -. يحصر كل همه في التقاط أشكال الأشياء ا