صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/180

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

إنك لتقرأ القصة ثم تطوبها ، لتفتح قصة الإنسانية الكبرى ... قصة الإنسانية الضعيفة في قبضة القدر الجبار . قصة السخرية الدائبة التي تتناول بها الأقدار تلك الإنسانية المسكينة - ١٧٦ - هذه أسرة تفر من هول الغارات وخطر الموت من حى إلى حي . فما تغادر هذا الحي « الآمن ! » إلا وقد أصابها الموت في أنضر زهرة وأقوم عود ! وهذا رجل شاخ قلبه ، وانطوى على نفسه ، وآوى إلى يأس مرير ولكنه هادی ساکن ، فمـا يلبث القدر أن يثير في قلبه إعصاراً على غير أوان ، ويزيح الركام عن البذور المطمورة في قلبه الهرم ، ليعود فجأة فيقصف الأعواد التي تنبت في بطء وحذر ، يقصفها في قسوة عابثة ، وبيد من ؟ بيد أحب الناس إليه : شقيقه وربيبه ! ولو قد أمهله بضعة أيام لانتهى إلى الواحة الممرعة بعد طول الجدب في الصحراء . ولو قد تقدم به أياما لأعفاه من إضافة تجربة فاشلة إلى تجاربه المريرة ؟ وهذا شاب مستهتر عابث ، ما يكاد الحب يقومه ويبعث فيه الجد والمبالاة حتى يخطفه الموت الذي لم يخطفه أيام العبث والاستهتار والأرض تدور ، والزمن يمضى ، والناس يقطعون الطريق المجهول كأن لم يكن شيء مما كان : رفاق الشاب في قهوتهم يقامرون ويعربدون ، وأصحاب الرجل في « غرزتهم » يدخنون أو في قهوتهم يتندرون . والقدر الساخر من وراء الجميع لا يبدو عليه حتى مظهر الجد في سخريته المريرة . والمؤلف نفسه لا يكاد يلتفت إلى الدائرة الوسيعة التي تنتهى إليها قصته ، لأنه يلقى انتباهه كله إلى إدارة الحوادث ورسم والشخصيات ! ! ( .

ولعل من الحق حين أتحدث عن قصة « خان الخليلي» أن أقول : إنها لم تنبت فجأة ، فقد سبقتها قصة مماثلة ، تصور حياة أسرة ، وتجعل حياة المجتمع في فترة