صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/173

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۶۹ - ولا يعني هذا أن الأستاذ لم يوفق . فهذا شيء آخر . إنما الذي أعنيه هو أن الخطوة الأولى في هذا الفصل ، لا تزال متفردة ولا تزال سابقة – حتى في بابها - وهذا كل ما أريد أن أقول . ا وفي مسرحية « المثال التائه » مجال للموازنة بين « بیجالیون » توفیق الحكيم و « بيجالیون » خليل هنداوى . وأحب هنا أن أرىء الأستاذ « هنداوى » من النقل . فحينها ظهرت « بيجراليون توفيق » كتب الأستاذ هنداوي في المقتطف أن له مسرحية من فصل واحد عن « بجماليون » نشرها في المقتطف ، في وقت لا يتسع البتة للنقل والمحاكاة. ثم إنه عالج الموضوع بطريقة أخرى غير طريقة الحكيم وبين الطريقتين وبين الطاقتين تصح الموازنة ويصح القياس فأما « بيحاليون » عند توفيق الحكيم فهو الفنان المضطرب المتأرجح بين الحيوية الحاضرة والنموذج الفني الخالد . والذي يفتن بما أبدعت يداه ثم يحطمه لأن في نفسه أبدا طموحا إلى ما هو أعلى . إلى المثل الفني الذي يخايل له أبدا ويدعوه إلى الخلق من جديد وأما « بيجاليون» عند خليل هنداوى فهو الفنان الذي يقتن بعمله الفني فيحس فيه الحياة ، ويستغنى به عن النموذج الحي الذي استوحاه . وكلتاهما وجهة نظر وطريقة اتجاه . أما التقدير الفني لها فيقوم على مقدار ما استطاع المؤلف أن يبثه من فن ، ومدى توفيقه في معالجة موضوعه على النحو الذي أراد . لا تزال الريشة في يد الأستاذ هنداوى ترتجف ، ولا تزال تنقصها الجرأة الحاسمة ، والحركة المتمكنة . وفي مثل هذه المسرحيات قد يكون للومضات الذهنية والتحليقات الفكرية والإشرافات الوجدانية كل القيمة في معالجة الموضوع