صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/172

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۶۸ -- من الربات هي « أجمل ». إن حكم الآلهة لا يرضى . فليحكم الإنسان ! ليحكم أول رجل يصادفنه . إنه « باريس ، راعى القطيع . وإنه ليحتار ويذهل ، وإنه ليتلقى الإغراء والوعيد ... ثم يحكم . يحكم لأفروديت إلهة الجمال التي لا تملك إلا الجمال ثم ليتلق انتقام الإلهتين . لقد اختار الجمال . « وإن من يختار الجمال يختار معه الموت » . وباريس لم يتلق الموت ولكنه تلقى الشرود الدائم في الفيافي والسهوب يرسل الألحان من شبابته في حنين دائم إلى ربة الجمال ! وعلى هذا النسق يسير المؤلف في الاستمداد من الأساطير ، وصياغة مايستمده مسرحيات تقصر أو تطول . -

يجب أن نريد هنا إلى التسلسل التاريخي في عالم الفن العربى، فيرد هذا الفصل من فصوله – فصل الانتفاع بالأساطير المختلفة في عالم المسرحيات – إلى « الفنان الأول » الذي نقله إلى المكتبة العربية هذا الفنان هو توفيق الحكيم ... : - أهل الكهف ، شهر زاد . نهر الجنون بيجراليون . سليمان الحكيم : هـذه عنوانات لا تنسى، وقد فتح بها هذا الفصل في المكتبة العربية واستقر . واطان على وجوده بكل تأكيد . بقى أن نتطلع إلى « الفنان الثاني » الذي يخطو خطوة وراء توفيق الحكيم . خطوة أصيلة كخطوته . لا تقف عند تقليده . ولا تقف عند مداه . بل تمتح من نبعها ، وترتقى آفاقا وراء الآفاق الأولى . فآفاق توفيق الحكيم وقفت عند الصراع الذهني بين الأفكار . وتريد استخدام الأساطير في تصوير الحياة الحية المحبوبة . فهل استطاع الأستاذ « هنداوي » أن يخطو هذه الخطوة ؟ يجب ألا نجد في أنفسنا حرجا من الجواب ... لا !