صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/17

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-17- ti البدائية ، ثم ماتت أو فترت بعد عهد معين من الرقى والتطور . فأصبحنا الآن نعاني صعوبة جدية في وضع ألفاظ جديدة لمـا يعرض لنا من شئون الحياة ! وأنا أزعم أن اللفظ الذي لم ينبعث من فم القائل إلا بعد وجود صورة معينة يرمز إليها في ذهنه هو وكذلك لا ينشيء في ذهن السامع صورة لا عهد له بها من قبل . ولكنه يقتصر على استدعاء الصورة أو الصور الكامنة في نفسه ، والتي يرمز لها هذا اللفظ عنده . وقد يختلط علينا الأمر في بعض الأحيان ، فنحسب أن لفظا معينا قد أنشأ في أنفسنا ، إنشاء ، صورة لا عهد لنا بها البتة . وتفسير هذا أن هذه الصورة لا بد أن يكون لنا بها صلة سابقة ، نتيجة لتجربة شخصية أو إنسانية ، ثم خفيت علينا و بعدت عن وعينا ، حتى استدعاها ذلك اللفظ حين سمعناه أو قرأناه . فكلمة « الجبل » مثلا لا تدل على شيء البتة في ذهن من لم ير جبلا ، أو مرئيا "ما يقرب إلى ذهنه صورة الحبل . وقد تصور له شكلا من الأشكال هو أبعد ما يكون عن شكل الجبل المعروف كما يقع كثيرا للمكفوفين وللأطفال وهذه الكلمة نفسها تشع في ذهن من رأى جبلا واحدا ، صورة واحدة هي صورة الجبل الذي رآه ، بينما هي تشع خمس صور لمن رأى خمسة جبال مختلفة الأشكال ، وتشع عشر صور لمن رأى عشرة جبال مختلفات ، وهكذا . ومثل هذا كلمات : قط ، وكلب ، وحصان ، وشجرة ، وزهرة ، ونبات إلى آخر أسماء الذوات . ... ا الأشكال ، والذي لا يتقيد أما المعنى الذهني المجرد ، المنتزع من جميع بشكل من هذه الأشكال ، فلا يكاد يقيم في الذهن لحظة ، ثم يأخذ الخيال في استعراض الشكل أو الأشكال التي يستدعيها هذا اللفظ في الحال ا