صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/16

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۲ - كل هذا وعشرات من أمثاله تحمله لفظة « الحب » الواحدة ، ويفصله الإحساس الواسع ، المجرب لهذه الصنوف والأشكال . ا ومثل الحب : البغض ، والغيرة ، والحنان ، والقسوة ، والمروءة ، والنذالة واللذة والألم ، إلى آخر « أسماء الماني » التي تحمل مدلولاتها هذا الاجمال ، وتتسع بعد ذلك لعشرات من الصور والأحوال و بديهي أن واضعى اللغة الأوائل لم تكن خواطرهم تزدحم بكل هذه الصور لأن أحاسيسهم وأذهانهم لم تكن مرت بتجارب كالتي مرت بنا ، فكانت اللفظة الواحدة تشع في أذهانهم صورة واحدة ، أو عدة صور ، مقيدة على كل حال ، بمدى تجاربهم في عالم الحس والخيال والذين جاءوا من بعدهم لم تحفرهم حاجة ملحة إلى وضع ألفاظ جديدة ، مفصلة على قد كل حالة من الحالات ، لأنهم وجدوا في إبهام الألفاظ الموضوعة من قبل وإجمالها ومرونتها ما يساعدهم على تحميلها صورا وأشكالا وحالات جديدة لم تخطر على قلوب واضعيها الأولين . >>> بل لعلهم – وبخاصة رجال الفنون – قد ارتاحوا إلى هذا الغموض البهم ووجدوا فيه من الجمال ما يتسق مع خواطرهم وأحاسيسهم ، وفيها قسط من الغموض والإبهام لا مفر منه بحكم أن مشاعرهم وأخيلتهم هي الأصل في العمل الفني وهي غامضة إلى حد ما . لا بل زادوا على هذا أن جعلوا كثيرا من « « أسماء الذوات » « أسماء معانى » على نحو من المجاز . مثل كلمة « كتابة » وأصلها القيد » وكلمة « شرف » وأصلها « المرتفع » كما جعلوا بعض أسماء المعاني لمعاني أخرى اصطلاحية ، مثل كلمة « صلاة » وأصلها « الدعاء » وكلمة « زكاة » وأصلها « الطهارة » وذلك – فيما يبدو – كان تفاديا من وضع ألفاظ جديدة ! ولعل القدرة على وضع الألفاظ كانت خاصة في طفولة الإنسانية وفي الشعوب C