صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/169

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

<-1701 فالجميع كانوا يحسون بالنكبة قبل وقوعها ويتنبأون بها . كما يبدو في الرواية أن الرشيد لم يصمم إلا بعد هذا الحوار الطويل الذي أمر في نهايته بقتل جعفر ، فكأنه لم يمض بين التصميم والنكبة إلا دقائق ، لا يتسع فيها الوقت للتدبير المحكم الشامل الذي تقصى البرامكة في طول البلاد وعرضها كما يقول التاريخ ، وكما لا بد أن يكون . ( ( وكثير من الحوار ليس طبيعياً أن يقوله الرشيد ، ففيه غض من كرامته وتحقير لشأنه ، ولا يقدم عليه خليفة مهما تكن الظروف ، ومهما كان واقعاً ، فحسبه أن يحسه في نفسه ، ثم يكتمه رعاية لمقامه وحفظا لكرامته وقديكون عذر المؤلف أنه شاء أن يبرر موقف الرشيد ، ولكن هذا لا يكفى من الناحيتين الفنية والواقعية . على أن هذا الحوار يمكن إغفاله كله دون أن تنقص هذه المبررات شيئاً ؟ فقد علمناها جميعاً . ثنايا الرواية قبل الحوار ، وعذرنا الرشيد في الإصغاء المؤامرات ، وأدركنا أنها ليست كذبا كلها من بدوات جعفر ، ومن تصرفه مع يحيى الطالبي ، ومن ثورة الصناع ، وما قالوه عن ضعف الخليفة واتساع سلطة البرامكة ... الخ . من 6 وهناك هنات أخرى صغيرة ولعلها ليست هنات بل وجهات نظر فحديث الجواري والرعاع كان من حيث المستوى الفكري والتعبيري في مستوى حديث الخليفة والوزير والعباسة وزبيدة ... وأنا أوثر أن يتحدثوا في مستواهم مع المحافظة على مجرد صحة اللغة دون روعة الأداء . وهناك شعراء يقوم الواحد منهم إثر الآخر، فيتحدث بنفس البحر والقافية في الثناء على البرامكة ، وكان من الخير أن تتنوع النغمة بتنوع المحدثين ، فهذا الطبيعي في الحديث . هر - أما الهنات التي لاشك فيها ، فهي تلك الأناشيد التي استقبل بها جعفر البرمكي في الخارج بعد عودته من الشام والخليفة على رأس الموكب ، وتلك الأماديح التي