صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/168

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ١٦٤ - منهما ابنهما ، ويذهب به عنهما بعيداً ، خيفة أن يكون وجوده ، وانفضاح صلتهما الحقيقية ، سلاحاً في أيدي المتآمرين ؟ حينئذ تنفجر العباسة في نشيد دام رائع أشبه بالنشيج المجرح المكتوم : وددت لو كنت في بغداد جارية في بيت صالحة أهل بغداد أظل أقضى لها شتى حوائجها وأنفه الزاد ما أعطى من الزاد وأرتدى الثوب من أخلاق ما خلعت أزهى به بين أترابي وأندادي إذا مال ميزان النهار بنا فصلت أهفو إلى زوجي وأولادي أضمهم بجناحي رحمـة وهوى كالطير تخشى على أفراخها العادي والدار حاليــة تبهى بأسرتها كما ازدهی بالنمير السلسل الوادي وهنا تسقط المظاهر والشيات ، وتتبدى المرأة المحبة المفجعة عارية حتى في أروع عواطفها ، وأصح خوالجها ، وأعمق اتجاهاتها . ومثل هذا في الرواية كثير . وهو وحده يبلغ بها حدا معجباً من التوفيق

عه وددت لو ظللت أردد هذه النعمة التي تعبر عن كثير من العمل الفني في الرواية ؛ ولكننى مضطر أن أعود إلى التاريخ، وموقف المؤلف منه في الفصل الرابع . ليس على المؤلف من بأس في أن يخالف الواقع التاريخي ، على أن يعوضنا ه الواقع النفسي . ولكن المؤلف في الفصل الرابع قد خالف الواقعين جميعاً . فهناك محاورة طويلة بين الرشيد وجعفر لم تقع تاريخياً ، وليس لها مكان في الواقع النفسي ، بل هي مخالفة لطبائع الأشياء . فالرشيد الذي يعلم من أمر البرامكة ومكانهم في الدولة ما يعلم ، لا يقدم على الإيقاع بهم إلا بعد تدبير محكم مبيت منذ زمن طويل ، ولا يفشى نياته هذه ولا يظهر منها شيئاً ، خيفة انتقاض البرامكة قبل تمام التدبير – وهذا ما حدث فعلا في التاريخ – بخلاف ما بدا في الرواية ، ا r