صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/165

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

المحيط الضيق ، كانت هناك غزوات الروم ، وهي التي أنفق فيها الرشيد سنوات من حياته وكانت هناك حجاته المتوالية التي كانت سنواته دولة بينها وبين الغزوات . ولإحدى هذه الحجات علاقة بجعفر فقد سبقت النكبة وكان لجعفر فيها مكان ملحوظ – وهذه وتلك لم يبد لها ظل في الرواية كلها – وكانت هناك حضارة العصر المادية والروحية والفنية بشتى مظاهرها وملابساتها وهذه وردت في الرواية إشارات لها ، ولكنها إشارات لفظية في معرض تفاخر الرشيد أو الثناء على البرامكة – وكان يمكن إبرازها في ملابسات أظهر وأقوى من الكلمات المجردة ، وإظهار إشعاعاتها في جو الرواية كله لإشعار النظارة بحقيقة عظمة العصر ، وهو عصر الامبراطورية الإسلامية في أزهى أيامها ر أن تستحيل الرواية دراسة مطولة لعصر ولست أبغى – بطبيعة الحال الرشيد – وبخاصة أن اسمها « العباسة » يحد من مجالها – ولكنى كنت أود أن يتسع محيطها إلى الحد الذي يسمح لشخصياتها الأساسية بأن تضطرب في محيط مناسب لها وللعصر الذي عاشت فيه ، وأن تبدو جميع جوانبها الإنسانية أوأكبر دد منها في هذا المحيط الفسيح . 1 - - ۱۹۱ - - - - فاذا نحن تجاوزنا عن هذا ، ونظرنا إلى الرواية في محيطها المحدود الذي أراده لها المؤلف ، فإننا نطالع التوفيق المعجب في حركة الرواية ، وفي إدارة الحوادث وفى رسم الشخصيات ، وفي الخصائص الفنية المسرحية ، وفي الأداء الأدبى كلها جميعاً . وإن كانت لنا مآخذ على الفصل الرابع ، وعلى بعض مواضع في الفصول الأخرى بعض للمؤلف حاسة فنية مسرحية لاشك فيها ، تتبدى بوضوح في توزيع الحوادث والانفعالات والحركات على رقعة الرواية ، توزيعاً تبدو فيه الحيوية والتناسق اللذان لا يتوافران إلا لأصحاب هذه الحاسة الموهوبة . وإن كانت هذه الحاسة تخون ( م – ۱۱ )