صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/166

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ١٦٢ -- صاحبها في الفصل الرابع وتفتر قليلاً في الفصل الأول ، ولكن إلى حد لا يؤثر في هذه الصفة البارزة المطردة . وللمؤلف فطرة سليمة في رسم الشخصيات وبث الحياة فيها . الحياة الطبيعية السليمة . فجميع شخصياته حية تتصرف تصرف الأحياء في مجريات طبيعية للسلوك ، بلا تكلف ولا تعمل للحادثة أوللانفعال . ولكل منها مبررات طبيعية لسلوكها ، وأسباب قوية لاتجاه حياتها . « فالعباسة » هي المرأة المحبة والزوج المحرومة ، والأم الحانية . وهي تصارع في هذا كله امرأة أخرى ليست دوافعها بأقل أصالة عن هذه الدوافع . تصارع « زبيدة » المرأة الغيور ، والملكة صاحبة التاج ، وأم ولى العهد . وهى تنفس على العباسة شبابها وجمالها وأثارتها عند الرشيد ؛ وتخشى على تاج الخلافة وتنافح عن ولى العهد ابنها الحبيب ؟ و « جعفر » هو الشاب الذي تدين له الدنيا في هذا الوقت ، فيزهي بالشباب والمجد ، وهو الزوج المحب المحروم من حبه لسبب لا يرتضيه ، فهو سليل الأكاسرة الذي يجد نفسه – مع كل أمجاده – ينبز بالهجنة ، ويوصم بعدم الكفاءة للأميرة الهاشمية ، فتريج في نفسه وتثور جميع رواسبها وانفعالاتها . و« الرشيد » هو الخليفة الذي يخشى على العرش والخلافة ، والذي يطعن في ترفعه الهاشمي من رفيق شبابه وصباء ، إلى جانب ما هو واقع فيه من تأثير الزوجة الغيور، ودسائس الحاقدين والموتورين – وهي ليست كذبا كلها ، فجعفر في ثورة من ثوراته يشير إلى خراسان وجنودها ويقرر أن ليس الملك والخلافة عليه منيعين - و « يحيى بن خالد » الشيخ المجرب الفطنا المحنك ، بری بفطنته وتجربته ، تلك البوادر البعيدة التي لا يراها جعفر في اندفاعه وفتوته ، وفتنته بالمجد والشباب هو وثورته في فورة الحب والاعتزاز .