صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/15

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ۱۱ –

وقد لا يظهر هذا في « أسماء الذوات » ولكنه يظهر واضحا في « أسماء المعاني » حيث تصلح اللفظة الواحدة للدلالة على عشرات الصور والحالات المتعلقة بالمعنى الواحد ، تختلف في اللون والدرجة ، ويبقى اللفظ الدال عليها واحدا في جميع الأحوال .

خذ مثلا كلمة « الحب » . فانظر : كم من الصور تنطوي تحتها ، وكم من الأحاسيس تعبر عنها . وهي لفظة واحدة لا تفرق بين حالة وحالة ؛ إلا في سياق معين تقاس به مقدرة القائل على الأداء ، وتكشف فيه اللفظة عن رصيدها المذخور من الحس والشعور .

ما مدلول لفظة « الحب » ؟

أولا : بالقياس إلى ما يحسب : تراه حب الحياة ، أم حب الطبيعة ، أم حب الجمال الحي ، أم حب الوطن ، أم حب الأسرة ، أم حب الأصدقاء ، أم حب النفس ، أم حب المجد ، أم حب المال ، أم حب الجنس ، أم حب الفن ، أم حب الدين ... الخ ما يصح أن يكون محبوبا في الحياة ؟

وثانيا : بالقياس إلى نوع الحب : تراه الحب البرى، أم الحب المشوب ؟ وحب الألفة الوئيدة أم حب المفاجأة الهاجمة ؟ وحب الأثرة والغلبة أم حب التضحية والإيثار ؟ وحب الاستعلاء والسيطرة أم حب التفاني والامتزاج ؟ وحب الشهوة العارمة أم حب القداسة المتصوفة ... أم هو الحب الذي تتداخل فيه شتى هذه الظلال والألوان ؟ !

وثالثا : بالقياس إلى درجة الحب وحالته : تراه الحب الصاعد إلى الآفاق أم الهابط إلى الأعماق ؟ وهو المقبل يكسب كل يوم ويربى أم هو المدير يخسر بالزمن ويذوي ؟ وهو الثائر العنيف أم الهاديء الراضي ؟ وهو المكروه المملول أم المتطلب المرجو ؟ أم هو الحب الذي فيه من هذا وفيه من ذلك وفيه من ذاك ؟ !