صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/156

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ١٥٢ - فأما حين تعرض هذه الروايات للتقدير الفنى ، فإنها تبدو عملا بدائيا متهافتاً من جميع الوجوه . ا وأول ما يلحظه الناقد في « مجنون ليلى » هو البرود والركود . فالمجنون - وهو المثل الأعلى لحرارة العاطفة ، وللجد فيها ذلك الجد المتلف – يصبح في يد شوقى طيفاً متهافتاً ، كأنه أحد شبان القاهرة المترفين الأطرياءاللطاف! كل حرارة الحب عنده بكاء ودموع وإغماء . وذلك كل نصيبه من الجد في هذه العاطفة المشبوبة . بينما يلمح في « قيس ولبنى » حرارة العاشق ، وحركة الإنسان ، وفحولة هذه العاطفة في نفسه المحبة المهتاجة - ا إنك لا تلمح مرة واحدة في « مجنون ليلى » تلك الحرقة اللاعجة ، ولا تلك الثورة العاصفة . ولم تكن كل ميزة المجنون هي الحب المتهالك الذائب من الرقة والحنين - كما فهم شوقى وكما يفهم الكثيرون من الظرفاء المترفين الوادعين - إنما كانت في الثورة المشبوبة والحرقة الموقدة ، والاضطرام العنيف لقد كان يحب ، ولم يكن « يتدلع » ! وكان هذا الحب يتعمقه وبهيجه ويشقيه ، وكان هذا الحب يقيمه ويقعده ويثير أعمق مشاعره ، ويهزه في الصميم ؛ ولم يكن الاغماء والنواح هو كل حظه من الحب المجنون ! استمع إليه فيما يروى له من شعر ، ثم استمع إليه فيما ينطقه به شوقى ، تجد المسافة شاسعة بين شعور وشعور : استمع إليه يقول : فيارب إذ صبرت ليلى هي التي فزنى بعينيهـا كما زنها ليا فإنى بليلى قد لقيت الدواهيا وإلا فبغضها إلى وأهلهـا أو قوله : كأن فؤادي في مخالب طـائر إذا ذكرت ليلى يشد به قبضا