صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/155

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

<11011 يحس بالفارق الهائل بين الحياة الحارة والصدق الطبيعي ، في « قيس ولبنى » ، وبين الموت البارد ، والتلفيق المتهافت في «مجنون ليلى » من ناحية رسم الشخصيات وإجراء الحوادث والعرض الفنى . ولا بين الطلاقة والقدرة على الأداء في الرواية الأولى ، والاضطرار والتهافت في مواضع كثيرة من الرواية الثانية ويجب أن يلاحظ أننى أتحدث « الروايتين » لا « الشاعرين » عن عن فشوقي الشاعر قد يكون أكبر من عزيز أباظة الشاعر في مجموعهما . ولكن رواية « مجنون ليلى » أصغر بما لا يقاس من رواية « قيس ولبنى » . أصغر من جميع الوجوه التي تقاس منها الرواية الشعرية والقطعة التي اقتبسها الدكتور زكى « مجنون ليلى » قطعة عذبة النغمة من جميلة التصوير ، وهناك قطعة أخرى أو قطعتان في الرواية هذا النوع ولكن الرواية وحدة كاملة تقاس بمجموعها : برسم الحوادث ، وعرض المشاهد ، والتعبير القوى عن هذا كله في النهاية ، وقياس من الشخصيات ، وإجراء . (( الروايتين على هذا النحو ، لايدع مجالا للشك في تقرير الحقيقة التي أسلفناها إن معظم الخطأ الذي قد نقع فيه عند الموازنة بين عمل شاعر كشوق نال في زمانه شهرة عالية ؛ وعمل لأحد الأدباء المعاصرين . إنما ينشأ من اعتمادنا على ما تحوى ذاكرتنا من طنين سابق ؛ واطمئناننا إلى هذه الأوهام المقررة ؛ والاستغناء بذلك عن مراجعة الأثر الفنى مراجعة جديدة . .

ولكن الدكتور زكي بك يقول : إنه أعاد قراءة « مجنون ليلى » . وهذا هو موضع العجب . فالأمر من الوضوح الحاسم ، بحيث لا يقع فيه التباس . إن عمل شوقي بك في « مجنون ليلى » كان عملا مشكوراً من الوجهة التاريخية في الأدب . وذلك لفتح هذا المجال ، ومحاولة نظم الرواية في اللغة العربية - وإن يكن غيره قد حاول قبله ولم يبلغ ما بلغه وعند هذا الحد يقف تقدير هذه الروايات التي أخرجها جميعا ، و « مجنون ليلى » في أولها . ا