صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/150

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- 146 - طريقته – بنايات معمورة الأركان في التراجم الأخيرة على الخصوص ! »

  • * *

اهتدى المازني إلى خصائصه وسار أخيرا على نهجه ، فما هذا النهج وما تلك الخصائص بالتفصيل ، بعد ما تقدم من الإجمال ( في المازني فكاهة ودعابة وسخرية ، وقد يفهم بعض الذين تصدوا للنقد بلا عدة وافية أنها غاية خصائصه ومزاياه . وهي منها ، ولها قيمتها في تلوين أدبه بلونه الخاص ، ولكني لا أراها في مجموعها خير ما في المازني الفنان ؛ فكثيرا ما تقوم دعابات المازني على نوع من سوء التفاهم المتعمد ، والفارقات الكثيرة في الحركات الذهنية التي تقابل مفارقات الحركات الحسية في بعض أدوار « لوريل وهاردي » المشهورة ، ولو عدل هذا « التوليف » الخاص لفقدت كل مزيتها وليس هذا من الدعابة العميقة الأصيلة ، ولا يمنع هذا أن يصل بعضها إلى القمة حين يلاحظ المازني المفارقات الإنسانية والنفسية ، ويسى العبث بالحركات الذهنية والمغالطات اللفظية ، وأبرز ما يكون ذلك حين يضبط نفسه أو نفس سواه ، وهى تغالط نفسها لتهرب من مواجهة موقف ، أو تتوارى من الكشف في وضح النهار أو تدعى فضلا ليس لها وتنكر سيئة عملتها ! وللمازني في هذا نماذج قليلة نسبيا ، ولكنها من أمتع وأقوى ما تحويه الآداب . من أما مزية المازني الكبرى فهي طريقة إحساسه بالحياة : إذا كان بعض العيون يأخذ الحياة جملة ، فعين المازني تأخذ الحياة بالتفصيل ، وهي عين مفتوحة واعية فاحضة ، لا تفوتها حركة ولا يند عنها لون ، وهى تستعرض الحياة والمناظر والنفوس والأشياء ، ولا تشبع من النظر التقاط ومن هذه الدقائق في يقظة وانفعال . (